الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              أبواب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

                                                                              93 حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا إن صاحبكم خليل الله قال وكيع يعني نفسه

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( إني أبرأ ) من برئ بالكسر بمعنى أتبرأ قوله : ( إلى كل خليل ) أي كل من يزعم أني اتخذته خليلا فلا يشمل عمومه الرب الجليل سبحانه وتعالى حتى يحتاج إلى الاستثناء قوله : ( من خلته ) بضم الخاء من اتخاذي إياه خليلا وهذا هو المعنى الموافق للسوق والخلة بالضم الصداقة والمحبة التي تخللت قلب المحب وتدعو إلى إطلاع المحبوب على سره والخليل فعيل بمعنى المحتاج إليه وقوله ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا معناه على الأول لو جاز لي أن أتخذ صديقا من الخلق تتخلل محبته في باطني وقلبي ويكون مطلعا على سري لاتخذت أبا بكر لكن محبوبي بهذه الصفة هو الله وعلى الثاني لو اتخذت من أرجع إليه في الحاجات واعتمدت عليه في المهمات لاتخذت أبا بكر [ ص: 49 ] ولكن اعتمادي في الجميع على الله وهو ملجئي وملاذي قوله : ( إن صاحبكم خليل الله ) للسوق بالنظر الجلي أن المراد أن صاحبكم قد اتخذ الله خليلا فليس له أن يتخذ غيره خليلا احترازا عن الشركة لكن المتبادر إلى الأفهام من اللفظ الموافق للسوق بدقيق النظر أن الله اتخذ صاحبكم خليلا فيجب عليه أن ينقطع إليه فكيف يتخذ غيره خليلا وعلى الثاني يفهم من الحديث أن الله تعالى قد اتخذ نبينا - صلى الله تعالى عليه وسلم - خليلا كما اتخذه حبيبا والخلة ليست مخصوصة بإبراهيم عليه الصلاة والسلام بل حاصلة لنبينا - صلوات الله وسلامه عليه - بأكمل وجه وأتم نفي أن اتخاذ الله تعالى أحدا خليلا ليس بمستقيم للمعنيين اللذين ذكرناهما فيعتقد أنه بمعنى آخر مناسب لجنابه الأقدس سبحانه وتعالى ولا يخفى ما في الحديث من الدلالة على فضل الصديق وأنه يصلح أن يكون خليلا لمثله - صلوات الله وسلامه عليه - لو جاز له اتخاذ أحد خليلا سوى الله تعالى وهل يعقل في العقل ويتصور في النقل درجة فوق هذا .




                                                                              الخدمات العلمية