الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي ، أحد مشاهير الحفاظ وصاحب " تاريخ بغداد " وغيره من المصنفات [ ص: 28 ] العديدة المفيدة نحو من ستين مصنفا ويقال بل مائة مصنف فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، وقيل سنة ثنتين وتسعين ، وأول سماعه سنة ثلاث وأربعمائة ، ونشأ ببغداد وتفقه على القاضي أبي الطيب الطبري وغيره من أصحاب الشيخ أبي حامد ، وسمع الحديث الكثير ورحل إلى البصرة ونيسابور وأصبهان وهمذان والشام والحجاز ، وسمي الخطيب لأنه كان يخطب بدرزيجان وسمع بمكة على القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي ، وقرأ " صحيح البخاري " على كريمة بنت أحمد في خمسة أيام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ورجع إلى بغداد فحظي عند الوزير أبي القاسم بن المسلمة . ولما ادعى اليهود الخيابرة أن معهم كتابا نبويا فيه إسقاط الجزية عنهم أوقف ابن المسلمة الخطيب على هذا الكتاب فقال : هذا كذب . فقيل له : وما الدليل على ذلك؟ فقال : لأن فيه شهادة معاوية بن أبي سفيان ولم يكن أسلم يوم خيبر وقد كانت خيبر في سنة سبع من الهجرة ، وإنما أسلم معاوية يوم الفتح وفيه شهادة سعد بن معاذ وقد كان توفي عام الخندق سنة خمس . فأعجب الناس ذلك . وقد سبق الخطيب إلى هذا النقد كما ذكرت ذلك في مصنف مفرد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما وقعت فتنة البساسيري ببغداد سنة خمسين ، خرج منها إلى الشام فأقام [ ص: 29 ] بدمشق بالمئذنة الشرقية من جامعها وكان يقرأ على الناس الحديث النبوي ، وكان جهوري الصوت ، يسمع صوته من أرجاء الجامع كلها ، فاتفق أنه قرأ يوما على الناس فضائل العباس ، فثار عليه الروافض وأتباع الفاطميين ، وأرادوا قتله فتشفع بالشريف الزينبي ، فأجاره ، وكان مسكنه بدار العقيقي ، ثم خرج من دمشق فأقام بمدينة صور ، فكتب شيئا كثيرا من مصنفات أبي عبد الله الصوري بخطه ، كان يستعيرها من زوجته ، فلم يزل مقيما بالشام إلى سنة ثنتين وستين ، ثم عاد إلى بغداد فحدث بأشياء من مسموعاته وقد كان سأل الله بمكة ، أن يملك ألف دينار وأن يحدث ب " التاريخ " بجامع المنصور ، وأن يموت ببغداد فيدفن إلى جانب بشر الحافي ، فيقال إنه حدث ب " التاريخ " بجامع المنصور ، وإنه ملك ذهبا يقارب ألف دينار . وحين احتضر كان عنده قريب من مائتي دينار ، فأوصى بها لأهل الحديث ، وسأل السلطان أن يمضي له ذلك ، فإنه لم يترك وارثا ، فأجيب إلى ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وله مصنفات كثيرة مفيدة ، منها كتاب " التاريخ " ، وكتاب " الكفاية " و " الجامع " ، و " شرف أصحاب الحديث " ، و " المتفق والمفترق " ، و " السابق واللاحق " ، و " تلخيص المتشابه في الرسم " ، " و " فضل الوصل " ، و " رواية الآباء عن الأبناء " ، " و " رواية الصحابة عن التابعين " ، و " اقتضاء العلم العمل " وغير ذلك . وقد سردها الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في " المنتظم " قال : ويقال إن هذه المصنفات أكثرها ابتدأها أبو عبد الله الصوري فتممها الخطيب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 30 ] وقد كان حسن القراءة فصيح اللفظ ، عارفا بالأدب يقول الشعر ، وكان أولا على مذهب الإمام أحمد ، فانتقل إلى مذهب الشافعي ، ثم صار يتكلم في أصحاب أحمد ويقدح فيهم ما أمكنه ، وله دسائس عجيبة في ذمهم ، ثم شرع ابن الجوزي ينتصر لأصحابه بما يطول ذكره . وقد أورد ابن الجوزي من شعر الخطيب قصيدة - من خطه - جيدة المطلع حسنة المنزع أولها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لعمرك ما شجاني رسم دار وقفت به ولا ذكر المغاني     ولا أثر الخيام أراق دمعي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لأجل تذكري عهد الغواني     ولا ملك الهوى يوما قيادي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولا عاصيته فثنى عناني     عرفت فعاله بذوي التصابي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما يلقون من ذل الهوان     فلم أطمعه في وكم قتيل
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      له في الناس ما يحصى وعان     طلبت أخا صحيح الود محضا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سليم الغيب محفوظ اللسان     فلم أعرف من الإخوان إلا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نفاقا في التباعد والتداني     وعالم دهرنا لا خير فيهم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ترى صورا تروق بلا معاني     ووصف جميعهم هذا فما أن
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أقول سوى فلان أو فلان     ولما لم أجد حرا يواتي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      على ما ناب من صرف الزمان     صبرت تكرما لقراع دهري
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولم أجزع لما منه دهاني     ولم أك في الشدائد مستكينا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أقول لها ألا كفي كفاني     ولكني صليب العود عود
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ربيط الجأش مجتمع الجنان [ ص: 31 ]     أبي النفس لا أختار رزقا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يجيء بغير سيفي أو سناني     فعز في لظى باغيه يشوى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألذ من المذلة في الجنان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " ترجمة حسنة كعادته ، وأورد له من شعره قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لا تغبطن أخا الدنيا لزخرفها     ولا للذة وقت عجلت فرحا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فالدهر أسرع شيء في تقلبه     وفعله بين للخلق قد وضحا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كم شارب عسلا فيه منيته     وكم تقلد سيفا من به ذبحا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد كانت وفاته يوم الاثنين ضحى السابع من ذي الحجة من هذه السنة ، وله ثنتان وسبعون سنة في حجرة كان يسكنها بدرب السلسلة جوار المدرسة النظامية واحتفل الناس بجنازته ، وحملها فيمن حمل الشيخ أبو إسحاق الشيرازي ، ودفن إلى جانب قبر بشر الحافي في قبر رجل كان قد أعده لنفسه فسئل أن يتركه للخطيب فشحت به نفسه ، حتى قال له بعض الناس : بالله عليك لو قدمت أنت والخطيب إلى بشر أيكما كان يجلسه إلى جانبه؟ فقال : الخطيب . فقيل : فاسمح له به ، فوهبه له فدفن فيه رحمه الله وأكرم مثواه ، وهو ممن ينشد له قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ما زلت تدأب في التاريخ مجتهدا     حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحكى ابن خلكان عن السمعاني أنه توفي في شوال وأنه تصدق [ ص: 32 ] بجميع ماله ووقف كتبه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حسان بن سعيد بن حسان بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن منيع بن خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي المنيعي ، كان في شبابه يجمع بين الزهد والتجارة حتى ساد أهل زمانه ثم ترك ذلك وأقبل على العبادة والزهد والبر والصلة والصدقة والإحسان إلى الخلق ، وبناء المساجد والرباطات وكان السلطان يأتي إليه ويتبرك به ولما وقع الغلاء كان يعمل في كل يوم شيئا كثيرا من الخبز والطعام فيتصدق به ، ويكسو في كل سنة قريبا من ألف نفس ثيابا وجبابا وافرة ، وكذلك النساء ، ويجهز بنات الفقراء الأيتام وأسقط شيئا كثيرا من المكوس والوظائف السلطانية عن بلاد نيسابور وقراها ، وهو في غاية التبذل والثياب الأطمار وترك الشهوات ، ولم يزل كذلك حتى كانت وفاته ببلده مروالروذ في هذه السنة تغمده الله برحمته . آمين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن الحسين بن حمزة أبو يعلى الجعفري فقيه الشيعة في زمانه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن وشاح بن عبد الله ، أبو علي مولى أبي تمام محمد بن علي بن الحسن الزينبي ، سمع الحديث وكان أديبا شاعرا وكتب لنقيب النقباء [ ص: 33 ] الكامل ، وكان ينسب إلى الاعتزال والرفض . ومن شعره قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حملت العصا لا الضعف أوجب حملها     علي ولا أني تحنيت من كبر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولكنني ألزمت نفسي بحملها     لأعلمها أن المقيم على سفر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري . الحافظ صاحب التصانيف ، منها " التمهيد " و " الاستذكار " و " الاستيعاب " ، وغيرها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيدون الشاعر ، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون أبو الوليد الشاعر الماهر الأندلسي القرطبي اتصل بالأمير المعتضد عباد صاحب إشبيلية ، فحظي عنده وصار عنده مشاورا في منزلة الوزير ، ووزر له ولده أبو بكر بن أبي الوليد وهو صاحب القصيدة الفراقية المشهورة التي يقول فيها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا     شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نكاد حين تناجيكم ضمائرنا     يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حالت لبعدكم أيامنا فغدت     سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 34 ] بالأمس كنا ولا يخشى تفرقنا     واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهي قصيدة طويلة ، وفيها صنعة قوية مهيجة على البكاء لكل من قرأها ، أو سمعها لأنه ما من أحد من أبناء الدنيا إلا وقد فقد خلا أو حبيبا أو نسيبا ، ومن شعره :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بيني وبينك ما لو شئت لم يضع     سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا بائعا حظه مني ولو بذلت     لي الحياة بحظي منه لم أبع
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يكفيك أنك إن حملت قلبي ما     لا تستطيع قلوب الناس يستطع
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ته أحتمل واستطل أصبر وعز أهن     وول أقبل وقل أسمع ومر أطع

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      توفي في رجب من هذه السنة واستمر ولده أبو بكر وزيرا للمعتمد بن عباد ، حتى أخذ ابن تاشفين قرطبة من يده في سنة أربع وثمانين فقتل يومئذ . قاله ابن خلكان في الوفيات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كريمة بنت أحمد بن محمد بن أبي حاتم المروزية كانت عالمة صالحة سمعت " صحيح البخاري " على الكشميهني وقرأ عليها الأئمة كالخطيب وأبي المظفر السمعاني وغيرهما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية