الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ( 10 ) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 11 ) يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ( 12 ) وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ( 13 ) )

                                                                                                                                                                                                    تقدم في حديث عبد الله بن سلام أن الصحابة ، رضي الله عنهم ، أرادوا أن يسألوا عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل ليفعلوه ، فأنزل الله هذه السورة ، ومن جملتها هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ) ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور ، والتي هي محصلة للمقصود ، ومزيلة للمحذور فقال : ( تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : من تجارة الدنيا ، والكد لها ، والتصدي لها وحدها .

                                                                                                                                                                                                    ثم قال : ( يغفر لكم ذنوبكم ) أي : إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه ، غفرت لكم الزلات ، وأدخلتكم الجنات ، والمساكن الطيبات ، والدرجات العاليات ; ولهذا قال : ( ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم )

                                                                                                                                                                                                    ثم قال : ( وأخرى تحبونها ) أي : وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها ، وهي : ( نصر من الله وفتح قريب ) أي : إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه ، تكفل الله بنصركم . قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [ محمد : 7 ] وقال تعالى : ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) [ الحج : 40 ] وقوله ( وفتح قريب ) أي : عاجل فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة ، لمن أطاع الله ورسوله ، ونصر الله ودينه ; ولهذا قال : ( وبشر المؤمنين )

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية