الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 673 ] 414

ثم دخلت سنة أربع عشرة وأربعمائة

ذكر استيلاء علاء الدولة على همذان

في هذه السنة استولى أبو جعفر بن كاكويه على همذان وملكها وكذلك غيرها مما يقاربها .

وسبب ذلك أن فرهاذ بن مرداويج الديلمي ، مقطع بروجرد ، قصده سماء الدولة أبو الحسن بن شمس الدولة بن بويه ، صاحب همذان ، وحصره فالتجأ فرهاذ إلى علاء الدولة ، فحماه ومنع عنه ، وسارا جميعا إلى همذان فحصراها وقطعا الميرة عنها ، فخرج إليهما من بها من العسكر ، فاقتتلوا فرحل علاء الدولة إلى جرباذقان ، فهلك من عسكره ثلاثمائة رجل من شدة البرد .

فسار إليه تاج الملك القوهي ، مقدم عسكر همذان ، فحصره بها ، فصانع علاء الدولة الأكراد الذين مع تاج الملك ، فرحلوا عنه ، فخلص من الحصار ، وشرع بالتجهز ليعاود حصار همذان ، فأكثر من الجموع ، وسار إليها . فلقيه سماء الدولة في عساكره ومعه تاج الملك ، فاقتتلوا ، فانهزم عسكر همذان ، ومضى تاج الملك إلى قلعة فاحتمى بها ، وتقدم علاء الدولة إلى سماء الدولة ، فترجل له وخدمه ، وأخذه وأنزله في خيمته وحمل إليه المال وما يحتاج إليه ، وسار وهو معه إلى القلعة التي بها تاج الملك ، فحصره وقطع الماء عن القلعة ، فطلب تاج الملك الأمان فأمنه فنزل إليه ، ودخل معه همذان .

[ ص: 674 ] ولما ملك علاء الدولة همذان سار إلى الدينور فملكها ، ثم إلى سابور خواست فملكها أيضا ، وجمع تلك الأعمال ، وقبض على أمراء الديلم ( الذين بهمذان ) ، وسجنهم بقلعة عند أصبهان ، وأخذ أموالهم وأقطاعهم ، وأبعد كل من فيه شر من الديلم ، وترك عنده من يعلم أنه لا شر فيه ، وأكثر القتل ، فقامت هيبته ، وخافه الناس ، وضبط المملكة . وقصد حسام الدولة أبا الشوك ، فأرسل إليه مشرف الدولة يشفع فيه ، فعاد عنه .

ذكر وزارة أبي القاسم المغربي لمشرف الدولة

في هذه السنة قبض مشرف الدولة على وزيره مؤيد الملك الرخجي في شهر رمضان ، وكانت وزارته سنتين وثلاثة أيام .

وكان سبب عزله أن الأثير الخادم تغير عليه لأنه صادر ابن شعيا اليهودي على مائة ألف دينار ، وكان متعلقا على الأثير ، فسعى وعزله ، واستوزر بعده أبا القاسم الحسين بن علي بن الحسين المغربي ، ومولده بمصر سنة سبعين وثلاثمائة ، وكان أبوه من أصحاب سيف الدولة في همذان ، فسار إلى مصر ، فتولى بها ، فقتله الحاكم ، فهرب ولده أبو القاسم إلى الشام ، وقصد حسان بن الفرج بن الجراح الطائي ، وحمله على مخالفة الحاكم والخروج عن طاعته ، ففعل ذلك ، وحسن له أن يبايع أبا الفتوح الحسن بن جعفر العلوي ، أمير مكة ، فأجابه إليه ، واستقدمه إلى الرملة ، وخوطب بأمير المؤمنين .

فأنفذ الحاكم إلى حسان مالا جليلا ، وأفسد معه حال أبي الفتوح ، فأعاده حسان إلى وادي القرى ، وسار أبو الفتوح منه إلى مكة . ثم قصد أبو القاسم العراق [ ص: 675 ] واتصل بفخر الملك ، فاتهمه القادر بالله لأنه من مصر ، فأبعده فخر الملك ، فقصد قرواشا بالموصل ، فكتب له ، ثم عاد عنه وتنقلت به الحال إلى أن وزر بعد مؤيد الملك الرخجي .

وكان خبيثا ، محتالا ، حسودا ، إذا دخل عليه ذو فضيلة سأله عن غيرها ليظهر للناس جهله .

وفيها ، في المحرم ، قدم مشرف الدولة إلى بغداذ ، ولقيه القادر بالله في الطيار ، وعليه السواد ، ولم يلق قبله أحدا من ملوك بني بويه .

وفيها قتل أبو محمد بن سهلان ، قتله نبكير بن عياض عند إيذج .

التالي السابق


الخدمات العلمية