الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر ملك الناصر بن العزيز بن الظاهر بن الناصر فاتح القدس ، صاحب حلب ، لدمشق حرسها الله تعالى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لما وقع بالديار المصرية من قتل الأمراء للمعظم تورانشاه بن الصالح أيوب [ ص: 309 ] ركب الحلبيون ، معهم ابن أستاذهم الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي بن الناصر يوسف فاتح بيت المقدس ومن كان عندهم من ملوك بني أيوب ، منهم الصالح إسماعيل بن العادل ، وكان أحق الموجودين بالملك ، من حيث السن والعقل والحرمة والرياسة ، ومنهم الناصر داود بن المعظم بن العادل ، والأشرف موسى بن المنصور إبراهيم بن أسد الدين شيركوه الذي كان صاحب حمص ، وغيرهم ، فجاءوا إلى دمشق ، فحاصروها فملكوها سريعا ، ونهبت دار ابن يغمور ، وحبس في القلعة وتسلموا ما حولها ، كبعلبك وبصرى والصلت وعجلون وصرخد ، وامتنعت عليهم الكرك والشوبك بالملك المغيث عمر بن العادل بن الكامل كان قد تغلب عليهما في هذه السنة حين قتل المعظم تورانشاه ، فطلبه المصريون ليملكوه عليهم ، فخاف مما حل بابن عمه ، فلم يذهب إليهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما استقرت يد الحلبيين على دمشق وما حولها جلس الناصر في القلعة ، وطيب قلوب الناس ، ثم ركبوا إلى غزة ليتسلموا الديار المصرية ، فبرز إليهم الجيش المصري ، فاقتتلوا معهم أشد القتال ، فكسر المصريون أولا بحيث إنه خطب للناصر بها ذلك اليوم ، ثم كانت الدائرة على الشاميين ، فانهزموا وأسر من أعيانهم خلق كثير ، وعدم من الجيش الصالح إسماعيل ، رحمه الله تعالى ، وقد أنشد هنا الشيخ أبو شامة رحمه الله تعالى لبعضهم :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 310 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ضيع إسماعيل أموالنا وخرب المغنى بلا معنى     وراح من جلق هذا جزا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من أفقر الناس وما استغنى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية