الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      المتعة قلت : أرأيت المطلقة إذا كان زوجها قد دخل بها وكان قد سمى لها مهرا في أصل النكاح ، أيكون لها عليه المتعة في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم . عليه المتعة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل يجبر على المتعة أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجبر على المتعة في قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال لي مالك ليس للتي طلقت ولم يدخل بها إذا كان قد سمى لها صداقها متعة ، ولا للمبارئة ولا للمفتدية ولا للمصالحة ولا للملاعنة متعة قد دخل بها أم لا .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وأرى : على العبد إذا طلق امرأته المتاع ولا نفقة عليه لها ولا يجبر على المتاع في قول مالك أحد .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المطلقة المدخول بها وقد سمى لها صداقها لم يجعل لها مالك المتاع ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الله تبارك وتعالى قال : { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين } فجعل المتاع للمطلقات كلهن المدخول بهن وغير المدخول بهن في هذه الآية ، ثم استثنى في موضع آخر فقال تبارك وتعالى : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } ولم يجعل لهن المتاع وزعم زيد بن أسلم أنها منسوخة ورأى أهل العلم في المفتدية والمصالحة والمبارئة حين لم يطلقها إلا على أن أعطته شيئا أو أبرأته فكأنها اشترت منه الطلاق وخرجت منه بالذي أعطته فلا يكون لها عليه المتاع بأنها هنا تعطيه وتغرم له فكيف ترجع وتأخذ منه ، ولقد سئل مالك عن رجل تزوج امرأة وأصدقها صداقا فوقع بينهما اختلاف قبل البناء بها فتداعيا إلى الصلح فافتدت منه بمال دفعته إليه على أن لا سبيل له عليها ففعلت ، ثم قامت عليه بعد ذلك تطلبه بنصف الصداق فقال مالك : لا شيء لها ، هي لم تخرج من حباله إلا بأمر غرمته له فكيف تطلبه بنصف الصداق ، وكأنه [ ص: 239 ] رأى وجه ما ادعته إليه أن يتركها من النكاح على أن تعطيه شيئا تفتدي به منه ، ثم إني قدمت المدينة فسألت عنها الليث بن سعد فقال لي مثل قول مالك فيها ، كأن أحدهما يسمع صاحبه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأنا أراه حسنا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية