الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 146 ] سورة النور

مدنية بالإجماع


بسم الله الرحمن الرحيم

سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون

مقصود هذه السورة ذكر أحكام العفاف والستر . وكتب عمر - رضي الله عنه - إلى أهل الكوفة : علموا نساءكم سورة النور . وقالت عائشة - رضي الله عنها - : لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن سورة النور والغزل . وفرضناها قرئ بتخفيف الراء ؛ أي فرضنا عليكم وعلى من بعدكم ما فيها من الأحكام . وبالتشديد : أي أنزلنا فيها فرائض مختلفة . وقرأ أبو عمرو : ( وفرضناها ) بالتشديد أي قطعناها في الإنزال نجما نجما . والفرض القطع ، ومنه فرضة القوس ، وفرائض الميراث ، وفرض النفقة . وعنه أيضا فرضناها فصلناها وبيناها . وقيل : هو على التكثير ؛ لكثرة ما فيها من الفرائض . والسورة في اللغة اسم للمنزلة الشريفة ؛ ولذلك سميت السورة من القرآن سورة . قال زهير :


ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب

[ ص: 147 ] وقد مضى في مقدمة الكتاب القول فيها . وقرئ ( سورة ) بالرفع على أنها مبتدأ وخبرها أنزلناها ؛ قاله أبو عبيدة ، والأخفش . وقال الزجاج ، والفراء ، والمبرد : سورة بالرفع لأنها خبر الابتداء ؛ لأنها نكرة ولا يبتدأ بالنكرة في كل موضع ، أي هذه سورة . ويحتمل أن يكون قوله ( سورة ) ابتداء وما بعدها صفة لها أخرجتها عن حد النكرة المحضة فحسن الابتداء لذلك ، ويكون الخبر في قوله الزانية والزاني . وقرئ ( سورة ) بالنصب ، على تقدير أنزلنا سورة أنزلناها . وقال الشاعر [ الربيع بن ضبيع ] :


والذئب أخشاه إن مررت به     وحدي وأخشى الرياح والمطرا

أو تكون منصوبة بإضمار فعل أي اتل سورة . وقال الفراء : هي حال من الهاء والألف ، والحال من المكنى يجوز أن يتقدم عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية