الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين ( 73 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال إخوة يوسف : ( تالله ) يعني : والله .

وهذه التاء في ( تالله ) ، إنما هي " واو " قلبت " تاء " كما فعل ذلك في " التوراة " وهي من " وريت " ، و " التراث " ، وهي من " ورثت " ، و " التخمة " [ ص: 181 ] وهي من " الوخامة " ، قلبت الواو في ذلك كله تاء ، و " الواو " في هذه الحروف كلها من الأسماء ، وليست كذلك في ( تالله ) ، لأنها إنما هي واو القسم ، وإنما جعلت تاء لكثرة ما جرى على ألسن العرب في الأيمان في قولهم : " والله " ، فخصت في هذه الكلمة بأن قلبت تاء . ومن قال ذلك في اسم الله فقال : " تالله " . لم يقل " تالرحمن " و " تالرحيم " ، ولا مع شيء من أسماء الله ، ولا مع شيء مما يقسم به ، ولا يقال ذلك إلا في " تالله " وحده .

وقوله : ( لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) ، يقول : لقد علمتم ما جئنا لنعصي الله في أرضكم .

كذلك كان يقول جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19555 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس ، في قوله : ( قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) ، نقول : ما جئنا لنعصي في الأرض .

فإن قال قائل : وما كان علم من قيل له ( لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) ، بأنهم لم يجيئوا لذلك ، حتى استجاز قائلو ذلك أن يقولوه؟

قيل : استجازوا أن يقولوا ذلك لأنهم فيما ذكر ردوا البضاعة التي وجدوها [ ص: 182 ] في رحالهم ، فقالوا : لو كنا سراقا لم نرد عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا .

وقيل : إنهم كانوا قد عرفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون أحدا ولا يتناولون ما ليس لهم ، فقالوا ذلك حين قيل لهم : ( إنكم لسارقون ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية