الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 371 ] ( باب )

حصول لبن امرأة [ ص: 372 ] وإن ميتة وصغيرة ; بوجور ، أو سعوط أو حقنة [ ص: 373 ] تكون غذاء أو خلط ، لا غلب [ ص: 374 ] ولا كماء أصفر ، وبهيمة ، واكتحال به : محرم إن حصل في الحولين ، أو بزيادة الشهرين ، إلا أن يستغني ، ولو فيهما

[ ص: 371 ]

التالي السابق


[ ص: 371 ] ( باب ) في أحكام الرضاع بفتح الراء وكسرها مع ثبوت التاء وعدمه في المصباح رضع من باب تعب في لغة نجد ومن باب ضرب في لغة تهامة وتكلم أهل مكة بهما ابن عرفة الرضاع وصول لبن آدمي لمحل مظنة غذاء آخر لتحريمهم بالسعوط والحقنة ولا دليل إلا مسمى الرضاع ا هـ البناني ينبغي أن يزاد من منفذ واسع لإخراج الواصل من العين والأذن واشتراط حصول الغذاء في التحريم بالحقنة لا ينافي تسميتها رضاعا مطلقا ، بل يؤيدها الجوهري اللبان بالكسر يقال هو أحق بلبان أمه ولا يقال بلبن أمه إنما اللبن الذي يشرب من ناقة أو شاة أو بقرة ابن مكي قالوا تداويت بلبن النساء وشبع الصبي بلبن أمه وذا غلط إنما يقال لبن الشاة ولبان المرأة ا هـ . ورد بقوله صلى الله عليه وسلم { لبن الفحل يحرم } وأجيب بأنه من الاستعارة المرشحة فشبه الرجل بالفحل واستعاره له ورشحها بما يستعمل لأنثى الفحل ، وهو اللبن ولو ذكر اللبان لكانت استعارة مجردة تأباها بلاغته صلى الله عليه وسلم عياض أهل اللغة لا يطلق اللبن على الخارج من ثدي الآدمي ، وإنما يطلق عليه لبان ، ولكن جاء في الحديث كثيرا إطلاق اللبن عليه كقوله صلى الله عليه وسلم { لبن الفحل يحرم } ابن عبد السلام لا يبعد حمله على المجاز والتشبيه وتأمله مع قول عياض كثيرا ( حصول ) أي وصول وحلول ( لبن امرأة ) أي أنثى آدمية إلى جوف صغير أو حلقه ولم يرده في التحرير لابن بشير وصول اللبن من المرضعة إلى حلق الرضيع أو جوفه ونحوه لعبد الوهاب

وخرج باللبن الماء الأصفر وبالمرأة لبن غيرها من [ ص: 372 ] الحيوانات فإن رضع صبي وصبية من شاة مثلا فليسا أخوين من الرضاع اتفاقا وإن رضعا لبن رجل فكذلك على المشهور

. وقال ابن اللبان هما أخوان ابن عرفة لبن أنثاه أي الآدمي محرم إجماعا وفي لغو لبن الرجل ثالثها يكره للمشهور وابن اللبان الفرضي مع اللخمي وبعض شيوخه وابن شعبان عن رواية أهل البصرة اللخمي يحتمل أن مالكا رضي الله تعالى عنه أراد بالكراهة التحريم إن كانت المرأة حية بل ( وإن ) كانت ( ميتة ) علم بثديها لبن كما في المدونة لا إن شك في وجوده كما قال ابن راشد وابن عبد السلام ابن ناجي فإن علم وجود شيء وشك في كونه لبنا أو ماء أصفر مثلا فالأحوط التحريم ابن عرفة المعروف لبن الميتة كالحية ابن بشير جرى في المذاكرة نقل لغوه عزاه ابن شاس لنقل ابن شعبان وفيها إن رضع صبي ميتة علم بثديها لبن حرم إن كانت المرأة كبيرة بل ( و ) إن كانت ( صغيرة ) لا تطيق الوطء

. ابن عرفة قول ابن الحاجب في لبن من نقصت عن سن المحيض قولان وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه وقول ابن هارون إنما ذكر الأشياخ الخلاف فيمن لم تبلغ حد الوطء صواب ، وقول ابن عبد السلام ابن رشد لبن الكبيرة التي لا توطأ من كبر لغو لا أعرفه بل ما في مقدماته تقع الحرمة بلبن البكر والعجوز التي لا تلد ، وإن كان من غير وطء إن كان لبنا لا ماء أصفر ومفهوم قول أبي عمر في الكافي لبن العجوز التي لا تلد إذا كان مثلها يوطأ يحرم مثل ما نقله عن ابن رشد إن وصل اللبن بمص بل وإن وصل ( بوجور ) بفتح الواو أي ما يصب في وسط الفم وقيل ما يصب في الحلق أي بآلة وجور ابن عرفة وفيها الوجور كالرضاع ( أو سعوط ) بفتح السين المهملة أي مصبوب في أنف وصل للحلق

. ابن عرفة وفي التحريم بالسعوط مطلقا أو إن وصل للجوف قولا ابن حبيب وابن القاسم معها وكذا اللدود أي المصبوب من جانب الفم ( أو حقنة ) بضم الحاء المهملة [ ص: 373 ] وسكون القاف أي مصبوب في دبر ( تكون ) الحقنة فقط دون ما قبلها ( غذاء ) بكسر الغين المعجمة وإعجام الذال أي مشبعة للصبي ومغنية له عن الرضاع وقت حصولها وإن احتاج له بعد بالقرب ، ومفهوم تكون غذاء أنها إن لم تكن غذاء فلا تحرم وهو كذلك وأما غيرها فلا يشترط فيه كونه غذاء

. طفي هذا هو المتعين وعليه غير واحد من المحققين من شراحه ولا معنى لرجوع قوله تكون غذاء للثلاثة والمذهب أن المصة الواحدة في غير الحقنة تحرم ، قال في المدونة ويحرم الرضاع في الحولين ولو مصة واحدة ، ثم قالت والوجور يحرم والسعوط إن وصل لجوفه فإنه يحرم وإن حقن بلبن فوصل إلى جوفه حتى كان له غذاء حرم وإلا فلا يحرم ابن القاسم لا تحرم الحقنة إلا إذا وقع للطفل بها غذاء ابن المواز معناه إذا كان العيش والحياة تحصل به ولو لم يطعم ولم يسق ابن محرز إذا كانت كذلك حرمت الحقنة الواحدة ابن حبيب وابن الماجشون تحرم على الإطلاق ابن المنذر عن مالك رضي الله تعالى عنه لا تحرم ابن عرفة وفي التحريم بالحقنة به مطلقا أو بشرط كونه غذاء ثالثها بشرطه إن لم يطعم ويسق إلا بالحقنة عاش ، ورابعها لغوها للباجي مع اللخمي عن ابن حبيب ولها ولهما عن محمد ولابن المنذر ، حكى بعض المصريين عن مالك رضي الله تعالى عنه أن الحقنة لا تحرم ونقل ابن بشير قول محمد تفسيرا لها وأبعد وجوده ا هـ ، ولم أر من ذكر من أهل المذهب أن شرط الكون غذاء في غير الحقنة سوى الشارح ومن تبعه ودرج على ذلك في شامله فقال وفي السعوط والحقنة ، ثالثها الأصح إن حصل منهما غذاء وإلا فلا ا هـ

. إن لم يخلط لبن المرأة ( أو ) أي وإن ( خلط ) بضم فكسر لبن المرأة بغيره كلبن بهيمة أو عسل أو سمن أو طعام أو شراب إن تساويا أو غلب لبن المرأة ( لا ) إن ( غلب ) بضم فكسر لبن المرأة بأن استهلك في مخالطه لم يبق له طعم فلا يحرم فإن خلط لبن امرأة بلبن امرأة أخرى ، صار ابنا لهما مطلقا ابن عرفة والمخلوط بطعام [ ص: 374 ] أو دواء واللبن غالب محرم وعكسه فيها لغوه وجزم به الأخوان وصوبه اللخمي في الطعام والدواء غير المبطل غذاءه قال وغيره مشكل وعزا ابن حارث الثاني لابن حبيب عن أصحاب مالك رضي الله تعالى عنه وعلى المشهور في اعتبار لبن امرأتين خلطا مطلقا ، وإلغاء المغلوب منهما كالطعام تخريج ابن محرز على إضافة لبن ذات زوج بعد زوج لهما ونقل عياض تردد بعضهم فيه والتخريج أخرى لتحقق مقارنة وجود كل من اللبنين الآخر في لبن المرأتين وعدمه في لبن الرجلين

. ( ولا ) إن كان ما وصل لجوف الطفل من ثدي ( كماء أصفر ) أو أحمر فلا يحرم ( و ) لا لبن ( بهيمة ) وصل لجوف صبي وصبية فلا يصيرهما أخوين ( و ) لا ك ( اكتحال به ) أي لبن المرأة لطفل وطفلة وكذا وصوله من أذن ومسام رأس ابن عرفة وفي الكحل به مخلوطا بعقاقير توصله للجوف ولغوه قول ابن حبيب وابن القاسم وخبر حصول لبن امرأة ( محرم ) بضم ففتح فكسر مثقلا ( إن حصل ) أي وصل لبن المرأة لجوف الطفل ( في الحولين ) من ولادته ( أو ) حصل ( بزيادة الشهرين ) أي في الشهرين الزائدين على الحولين في كل حال

. ( إلا أن يستغني ) الصغير بالطعام عن اللبن استغناء بينا بحيث لا يكفيه اللبن إذا رد له فلا يحرم رضاعه هذا إذا استغنى في الشهرين الزائدين بل ( ولو ) استغنى ( فيهما ) أي الحولين وسواء رضع فيهما بعد استغنائه بمدة قريبة أو بعيدة على المشهور ومذهب المدونة ابن الحاجب فإن كان في الحولين بعد استغنائه بمدة بعيدة فلا يعتبر وإلا فقولان ضيح يعني إذا فصل في الحولين فإن لم يستغن نشر الحرمة باتفاق وإن استغنى فإما بمدة قريبة أو بعيدة فإن كان بمدة بعيدة فلا يعتبر وإن كان بمدة قريبة فقولان المشهور وهو مذهب المدونة أنه لا يحرم والثاني لمطرف وابن الماجشون وأصبغ يحرم إلى تمام الحولين وأشار بلو لقول الأخوين وأصبغ بإلغاء الاستغناء فيهما

. [ ص: 375 ] ابن عرفة فما في الحولين لمستمر الرضاعة محرم وفي لغوه فيما زاد عليهما مطلقا وتحريمه في يسيره نقل الباجي عن ابن الماجشون مع رواية ابن عبد الحكم ورواية أبي الفرج والمعروف وعليه في قدرها للخمي خمسة في المختصر لمالك رضي الله عنه الأيام اليسيرة وله في الحاوي كسحنون نقصان الشهور ابن القصار شهر ورواه عبد الملك وفيها شهران وروى الوليد ثلاثة قال وهذا في مستمر الرضاع والأكل معه ما يضر به الاقتصار عليه دون رضاع ولابن القاسم إن فطم ثم أرضعته امرأة بعد فصاله بيومين أو ما أشبه ذلك حرم ; لأنه لو أعيد للبن لكان قوة في غذائه قلت هو نصها له ولمالك رضي الله تعالى عنهما في الحولين وبعدهما وسادسها نقل ابن رشد يومان ولو انتقل لطعام قبل الحولين ففي لغو رضاعه بعد زيادة على يومين وتحريمه قولها ونقل اللخمي عن الأخوين مع أصبغ قائلا إن كان مصتين فلا يحرم وإن رد للرضاع دون طعام يحرم ا هـ

. وألحق في تمام الحولين للأبوين فإن اتفقا على فطمه قبله فلهما ذلك إذا لم يضر الرضيع ومفعول محرم




الخدمات العلمية