الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 338 ] [ ص: 339 ] كتاب لواحق الاجتهاد ، وفيه نظران :

              النظر الأول : في التعارض ، والترجيح .

              [ ص: 340 ] [ ص: 341 ] فالنظر الأول

              فيه مسائل

              بعد أن نقدم مقدمة لا بد من ذكرها ، وهي أن كل من تحقق بأصول الشريعة فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض ، كما أن كل من حقق مناط المسائل فلا يكاد يقف في متشابه ؛ لأن الشريعة لا تعارض فيها ألبتة ، فالمتحقق بها متحقق بما في نفس الأمر ، فيلزم ألا يكون عنده تعارض ، ولذلك لا تجد ألبتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف ، لكن لما كان أفراد المجتهدين غير معصومين من الخطأ ، أمكن التعارض بين الأدلة عندهم ، فإذا ثبت هذا فنقول : [ ص: 342 ] المسألة الأولى

              التعارض إما أن يعتبر من جهة ما في نفس الأمر ، وإما من جهة نظر المجتهد ، أما من جهة ما في نفس الأمر فغير ممكن بإطلاق ، وقد مر آنفا في كتاب الاجتهاد من ذلك - في مسألة أن الشريعة على قول واحد - ما فيه كفاية ، وأما من جهة نظر المجتهد فممكن بلا خلاف ، إلا أنهم إنما نظروا فيه بالنسبة إلى كل موضع لا يمكن فيه الجمع بين الدليلين ، وهو صواب ، فإنه إن أمكن الجمع فلا تعارض ، كالعام مع الخاص ، والمطلق مع المقيد ، وأشباه ذلك .

              [ ص: 343 ] لكنا نتكلم هنا بحول الله تعالى فيما لم يذكروه من الضرب الذي لا يمكن فيه الجمع ، ونستجر من الضرب الممكن فيه الجمع أنواعا مهمة ، وبمجموع النظر في الضربين يسهل - إن شاء الله - على المجتهد في هذا الباب ما عسر على كثير ممن زاول الاجتهاد ، وبالله التوفيق .

              فأما ما لا يمكن فيه الجمع ، وهي :

              التالي السابق


              الخدمات العلمية