الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( كتاب المضاربة )

                                                                                        ( هي شركة في الربح بمال من جانب وعمل من جانب ) فلو شرط كل الربح لأحدهما لا يكون مضاربة ويجوز التفاوت في الربح وإذا كان المال من اثنين فلا بد من تساويهما فيما فضل من الربح حتى لو شرط لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث فيما فضل فهو بينهما نصفين لاستوائهما في رأس المال وركنها اللفظ الدال عليها كقوله دفعت إليك هذا المال مضاربة أو مفاوضة أو معاملة أو خذ هذا المال واعمل به على أن لك من الربح نصفه أو ثلثه أو قال ابتع به متاعا فما كان من فضل فلك كذا أو خذ ذلك بالنصف بخلاف خذ هذه الألف واشتر بها هرويا بالنصف ولم يزد عليه فليس بمضاربة بل إجارة فاسدة له أجر مثله إن اشترى وليس له البيع إلا بأمر وشرطها أن يكون رأس المال من الأثمان وهو معلوم ويكفي الإعلام بالإشارة فإن اختلفا في مقدار رأس المال عند قسمة الربح فالقول للمضارب مع يمينه والبينة لرب المال .

                                                                                        وأما المضاربة بدين فإن كان على المضارب فلا يصح وما اشتراه له والدين في ذمته وإن كان على غيره بأن قال اقبض مالي على فلان ثم اعمل به مضاربة فهو جائز وإن كان مكروها لأنه شرط لنفسه منفعة قبل العقد كما في المبسوط ولو قال اقبض ديني على فلان ثم اعمل به مضاربة فعمل قبل أن يقبض [ ص: 264 ] كله ضمن ولو قال فاعمل به لا يضمن وكذا بالواو لأن ثم للترتيب فلا يكون مأذونا بالعمل إلا بعد قبض الكل بخلاف الفاء والواو فإنه يكفي قبل القبض ولو قال اقبض ديني لتعمل به مضاربة لا يكون مأذونا ما لم يقبض الكل ولو قال اشتر لي عبدا بنسيئة ثم بعه واعمل بثمنه مضاربة فاشتراه ثم باعه وعمل فيه جاز ولو قال رب المال للغاصب أو المستودع أو المبضع اعمل بما في يدك مضاربة بالنصف جاز الثالث أن يكون رأس المال مسلما إلى المضارب بخلاف الشركة الرابع أن يكون الربح بينهما شائعا كالنصف والثلث لا سهما معينا يقطع الشركة كمائة درهم أو مع النصف عشرة الخامس أن يكون نصيب كل منهما معلوما فكل شرط يؤدي إلى جهالة الربح فهي فاسدة وما لا فلا مثل أن يشترط أن تكون الوضيعة على المضارب أو عليها فهي صحيحة وهو باطل السادس أن يكون المشروط للمضارب مشروطا من الربح حتى لو شرط له شيئا من رأس المال أو منه ومن الربح فسدت .

                                                                                        وحكمها أنه أمين بعد دفع المال إليه ووكيل عند العمل وشريك عند الربح وأجير عند الفساد فله أجر مثله والربح كله لرب المال إلا في الوصي إذا أخذ مال الصغير مضاربة وشرط لنفسه عشرة دراهم فإنه لا أجر له إذا عمل كذا في أحكام الصغار ولا ضمان عليه إذا فسدت بالهلاك بغير صنعه وغاصب عند الخلاف ومستقرض عند اشتراط كل الربح له ومستبضع عند اشتراطه لرب المال فلا ربح له ولا أجر ولا ضمان عليه بالهلاك وإنما تصح بما تصح به الشركة وهي الدراهم والدنانير إلا الفلوس النافقة وأما التبر فإن كان في موضع يروج به كالأثمان تجوز به وإلا فلا كالمكيل والموزون ولو دفع إليه عرضا وقال بعه واعمل بثمنه مضاربة جاز وشرط العمل على رب المال لا يصح سواء كان المالك عاقدا أو غير عاقد كالصغير والمعتوه وكذا أحد الشريكين إذا دفع المال مضاربة بشرط أن يعمل شريكه مع المضارب إن كان المال من شركتهما وإلا فهي جائزة إن كانت شركة عنان وإن كانت مفاوضة لا تصح مطلقا وإذا شرط أن يتصرف في المال مع المضارب فإن كان العاقد ليس أهلا للمضاربة في ذلك المال تفسد كالمأذون إذا دفع ماله مضاربة وشرط عمله مع المضارب وإن كان العاقد ممن يجوز أن يأخذ ماله مضاربة لم تفسد كالأب والوصي إذا دفعا مال الصغير مضاربة وشرطا عملهما معه بجزء من الربح وإن شرط المأذون عمل مولاه فسدت إن لم يكن عليه دين وإلا صحت كالمكاتب إذا شرط عمل مولاه فإنه يصح مطلقا

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية