الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                4715 [ ص: 464 ] ما ذكر من أمر داود عليه السلام وتواضعه

                                                                                ( 1 ) حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال : إن كان داود عليه السلام ليخطب الناس وفي يده القفة من الخوص فإذا فرغ ناولها بعض من إلى جنبه يبيعها .

                                                                                ( 2 ) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد قال : لما أصاب داود الخطيئة ، وإنما كانت خطيئته أنه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها ، فأتاه الخصمان فتسوروا في المحراب ، فلما أبصرهما قام إليهما فقال : اخرجا عني ، ما جاء بكما إلي ؟ فقالا : إنما نكلمك بكلام يسير ، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة وهو يريد أن يأخذها مني ، قال : فقال داود عليه السلام : والله إنه أحق أن ينشر منه من لدن هذه إلى هذه يعني من أنفه إلى صدره ، فقال الرجل : هذا داود قد فعله فعرف داود عليه السلام إنما يعني بذلك ، وعرف ذنبه فخر ساجدا أربعين يوما وأربعين ليلة ، وكانت خطيئته مكتوبة في يده ، ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه ما غطى رأسه ، فنادى بعد أربعين يوما : قرح الجبين وجمدت العين ، وداود عليه السلام لم يرجع إليه في خطيئة شيء فنودي : أجائع فتطعم أم عريان فتكسى أم مظلوم فتنصر ، قال : فنحب نحبة هاج ما يليه من البقل حين لم يذكر ذنبه فعند ذلك غفر له ، فإذا كان يوم القيامة قال له ربه : كن أمامي ، فيقول : أي رب ذنبي ذنبي ، فيقول : كن خلفي ، فيقول له : خذ بقدمي فيأخذ بقدمه .

                                                                                ( 3 ) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني قال : بلغنا أن داود نبي الله جزأ الصلاة على بيوته على نسائه وولده ، فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان قائم من آل داود يصلي ، فعمتهم هذه الآية اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور .

                                                                                ( 4 ) حدثنا عفان قال ثنا معاوية بن عبد الكريم قال ثنا الحسن أن داود النبي عليه السلام قال : إلهي ، لو كان أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار ما قضينا نعمة من نعمتك علي .

                                                                                ( 5 ) حدثنا وكيع عن مسعر عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص قال : دخل الخصمان على داود عليه السلام وكل واحد منهما أخذ برأس صاحبه [ ص: 465 ]

                                                                                ( 6 ) حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هشام عن سعيد بن جبير قال : إنما كانت فتنة داود النظر .

                                                                                ( 7 ) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال : ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء حتى مات .

                                                                                ( 8 ) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن داود عليه السلام قال : أي رب ، إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني يا رب لهم رابعا ، فأوحى الله إليه أن يا داود ، إن إبراهيم ألقي في النار في سبي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وإن إسحاق بذل نفسه ليذبح فصبر من أجلي فتلك بلية لم تنلك وإن يعقوب أخذت حبيبه حتى ابيضت عيناه فصبر وتلك بلية لم تنلك .

                                                                                قال علي بن زيد : وحدثني خليفة عن ابن عباس أن داود حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم ، فقيل له : إنك ستبتلى وتعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك ، فقيل له : هذا اليوم الذي تبتلى فيه ، فأخذ الزبور فوضعه في حجره وأغلق باب المحراب وأقعد منصفا على الباب وقال : لا تأذن لأحد علي اليوم ، فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون الطير ، فيه من كل لون ، فجعل يدرج بين يديه فدنا منه ، فأمكن أن يأخذه ، فتناوله بيده ليأخذه ، فاستوفزه من خلفه ، فأطبق الزبور وقام إليه ليأخذه ، فطار فوقع على كوة المحراب ، فدنا منه أيضا ليأخذه فوقع على حصن فأشرف عليه لينظر أين وقع ؛ فإذا هو بالمرأة عند بركتها تغتسل من المحيض ، فلما رأت ظله حركت رأسها فغطت جسدها بشعرها فقال داود للمنصف : اذهب فقل لفلانة ، تجيء ، فأتاها فقال : إن نبي الله يدعوك ، فقالت : ما لي ولنبي الله ، إن كانت له حاجة فليأتني ، أما أنا فلا آتيه ، فأتاه المنصف فأخبره بقولها ، فأتاها : وأغلقت الباب دونه ؛ فقالت : ما لك يا داود ؟ أما تعلم أنه من فعل هذا رجمتموهما ووعظته فرجع ، وكان زوجها غازيا في سبيل الله ، فكتب داود عليه السلام إلى أمير المغزى : انظر أوريا فاجعله في حملة التابوت ، فقتل ، فلما انقضت عدتها خطبها فاشترطت عليه : إن ولدت غلاما أن يجعله الخليفة من بعده ، وأشهدت عليه خمسين من بني إسرائيل وكتبت عليه بذلك كتابا ، فما شعر بفتنته أنه فتن حتى ولدت سليمان وشب ، فتسور المكان عليه المحراب ؛ فكان من شأنهما ما قص الله ( وخر داود ساجدا ) فغفر الله له ( وأناب ) وتاب الله عليه ، فطلقها وجفا سليمان وأبعده ، فبينما هو في مسير له وهو في ناحية القوم إذ أتى على غلمان له يلعبون ؛ فجعلوا [ ص: 466 ] يقولون : يا لادين يا لادين ، فوقف داود فقال : ما شأن هذا ، يسمى لادين ، فقال سليمان وهو في ناحية القوم : أما إنه لو سألني عن هذه لأخبرته بأمره ؛ فقيل لداود : إن سليمان قال كذا وكذا ، فدعاه وقال : ما شأن هذا الغلام سمي لادين ، فقال : سأعلم لك علم ذلك ؛ فسأل سليمان عن أبيه كيف كان أمره ؟ فقيل : إن أباه كان في سفر له مع أصحاب له ؛ وكان كثير المال فأرادوا قتله ، فأوصاهم فقال : إني تركت امرأتي حبلى ، فإن ولدت غلاما فقولوا لها : تسميه " لادين " فبعث سليمان إلى أصحابه ، فجاءوا فخلا بأحدهم فلم يزل حتى أقر ، وخلا بالآخرين ، فلم يزل بهم حتى أقروا كلهم ، فرفعهم إلى داود فقتلهم فعطف عليه بعض العطف ، وكانت امرأة عابدة من بني إسرائيل وكانت تبتلت ، وكانت لها جاريتان جميلتان وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال ، فقالت إحدى الجاريتين للأخرى : قد طال علينا هذا البلاء ، أما هذه فلا تريد الرجال ، ولا تزال بشر ما كنا لها ، فلو أنا فضحناها فرجمت ، فصرنا إلى الرجال ، فأخذتا ماء البيض فأتتاها وهي ساجدة فكشفتا عنها ثوبها ونضحتا في دبرها ماء البيض وصرختا : إنها قد بغت ، وكان من زنى منهم حده الرجم فرفعت إلى داود عليه السلام وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها ، فقال سليمان : أما إنه لو سألني لأنبأته ، فقيل لداود : إن سليمان قال كذا وكذا ، فدعاه فقال : ما شأن هذه ؟ ما أمرها ؟ فقال : ائتوني بنار فإنه إن كان ماء الرجال تفرق ، وإن كان ماء البيض اجتمع ، فأتي بنار فوضعها عليه فاجتمع فدرأ عنها الرجم ، وعطف عليه بعض العطف وأحبه ، ثم كان بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه ، فقضى داود عليه السلام لأصحاب الحرث بالغنم ، فخرجوا وخرجت الرعاء معهم الكلاب فقال سليمان : كيف قضى بينكم ؟ فأخبروه فقال : لو وليت أمرهم لقضيت بينهم بغير هذا القضاء ، فقيل لداود : إن سليمان يقول كذا وكذا ، فدعاه فقال : كيف تقضي ؟ فقال : أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وسلاها وألبابها ومنافعها ويبذر هؤلاء مثل حرثهم ، فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث ودفع هؤلاء إلى هؤلاء الغنم ، قال ، فعطف عليه ، قال حماد : وسمعت ثابتا يقول : هو أوريا .

                                                                                ( 9 ) حدثنا أبو أسامة عن الفزاري عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام أن قل للظلمة : لا يذكروني ، فإنه حق علي أن أذكر من ذكرني ، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم .

                                                                                ( 10 ) حدثنا عبيد الله قال حدثنا شريك عن السدي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : مات داود عليه السلام يوم السبت فجاءة ، فعكفت الطير عليه تظله [ ص: 467 ]

                                                                                ( 11 ) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال : ثنا يحيى بن المهلب أبو كدينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يا جبال أوبي معه قال : سبحي .

                                                                                ( 12 ) حدثنا محمد بن بشر ووكيع عن مسعر عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن يا جبال أوبي معه قال : سبحي .

                                                                                ( 13 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن ليث عن مجاهد قال : بكى من خطيئته حتى هاج ما حوله من دموعه .

                                                                                ( 14 ) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة أوبي قال : سبحي .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية