الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب فضل المنيحة

                                                                                                                                                                                                        2486 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة والشاة الصفي تغدو بإناء وتروح بإناء حدثنا عبد الله بن يوسف وإسماعيل عن مالك قال نعم الصدقة [ ص: 288 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 288 ] قوله : ( باب فضل المنيحة ) حذف " باب " من رواية أبي ذر ، والمنيحة بالنون والمهملة وزن عظيمة هي في الأصل العطية ، قال أبو عبيد المنيحة عند العرب على وجهين : أحدهما : أن يعطي الرجل صاحبه صلة فتكون له ، والآخر أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بحلبها ووبرها زمنا ثم يردها ، والمراد بها في أول أحاديث الباب هنا عارية ذوات الألبان ليؤخذ لبنها ثم ترد هي لصاحبها . وقال القزاز : قيل لا تكون المنيحة إلا ناقة أو شاة ، والأول أعرف . ثم ذكر المصنف فيه ستة أحاديث : الأول حديث أبي هريرة

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة ) اللقحة الناقة ذات اللبن القريبة العهد بالولادة ، وهي مكسورة اللام ويجوز فتحها ، والمعروف أن اللقحة بفتح اللام المرة الواحدة من الحلب ، والصفي بفتح الصاد وكسر الفاء أي الكريمة الغزيرة اللبن ، ويقال لها الصفية أيضا ، كذا رواه يحيى بن بكير ، وذكر المصنف بعده أن عبد الله بن يوسف وإسماعيل يعني ابن أبي أويس روياه بلفظ " نعم الصدقة اللقحة الصفي منحة " وهذا هـو المشهور عن مالك . وكذا رواه شعيب عن أبي الزناد كما سيأتي في الأشربة .

                                                                                                                                                                                                        قال ابن التين : من روى " نعم الصدقة " روى أحدهما بالمعنى لأن المنحة العطية والصدقة أيضا عطية . قلت : لا تلازم بينهما فكل صدقة عطية وليس كل عطية صدقة . وإطلاق الصدقة على المنحة مجاز ولو كانت المنحة صدقة لما حلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بل هي من جنس الهبة والهدية وقوله : " منحة " منصوب على التمييز ، قال ابن مالك : فيه وقوع التمييز بعد فاعل نعم ظاهرا ، وقد منعه سيبويه إلا مع الإضمار مثل : بئس للظالمين بدلا وجوزه المبرد وهو الصحيح ، وقال أبو البقاء : اللقحة هي المخصوصة بالمدح ، ومنحة منصوب على التمييز توكيدا وهو كقول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                        فنعم الزاد زاد أبيك زادا

                                                                                                                                                                                                        .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 289 ] قوله : ( تغدو بإناء وتروح بإناء ) أي من اللبن أي تحلب إناء بالغداة وإناء بالعشي . ووقع هذا الحديث في رواية مسلم من رواية سفيان عن أبي الزناد بلفظ " ألا رجل يمنح أهل بيت ناقة تغدو بإناء وتروح بإناء إن أجرها لعظيم " . الحديث الثاني حديث أنس .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية