الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 404 ] كتاب حجة الوداع في سنة عشر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ويقال لها حجة البلاغ ، وحجة الإسلام ، وحجة الوداع ; لأنه ، عليه الصلاة والسلام ، ودع الناس فيها ، ولم يحج بعدها . وسميت حجة الإسلام ; لأنه ، عليه الصلاة والسلام ، لم يحج من المدينة غيرها ، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها . وقد قيل : إن فريضة الحج نزلت عامئذ . وقيل : سنة تسع . وقيل : سنة ست . وقيل : قبل الهجرة . وهو غريب جدا . وسميت حجة البلاغ ; لأنه ، عليه الصلاة والسلام ، بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا ، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه ، عليه الصلاة والسلام ، فلما بين لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل الله ، عز وجل ، عليه وهو واقف بعرفة : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ( المائدة : 3 ) وسيأتي إيضاح لهذا كله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والمقصود ذكر حجته ، عليه الصلاة والسلام ، كيف كانت ، فإن النقلة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا جدا ، بحسب ما وصل إلى كل منهم من العلم ، وتفاوتوا في ذلك تفاوتا كثيرا ، لا سيما من بعد الصحابة ، رضي الله عنهم ، ونحن نورد بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ما ذكره الأئمة في كتبهم من هذه الروايات ، ونجمع بينها جمعا يثلج قلب من تأمله وأنعم النظر فيه ، وجمع بين طريقتي الحديث وفهم معانيه ، إن شاء الله ، وبالله الثقة وعليه التكلان . وقد [ ص: 405 ] اعتنى الناس بحجة رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتناء كثيرا من قدماء الأئمة ومتأخريهم ، وقد صنف العلامة أبو محمد بن حزم الأندلسي ، رحمه الله ، مجلدا في حجة الوداع أجاد في أكثره ، ووقع له فيه أوهام ، سننبه عليها في مواضعها ، وبالله المستعان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية