الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7186 ) فصل : وإن كملوا أربعة غير مرضيين ، أو واحد منهم ، كالعبيد والفساق والعميان ، ففيهم ثلاث ; روايات ; إحداهن : عليهم الحد . وهو قول مالك . قال القاضي : هذا الصحيح ; لأنها شهادة لم تكمل ، فوجب الحد على الشهود ، كما لو كانوا ثلاثة . والثانية : لا حد عليهم . وهو قول الحسن ، والشعبي ، وأبي حنيفة ، ومحمد ; لأن هؤلاء قد جاءوا بأربعة شهداء ، فدخلوا في عموم الآية ; لأن عددهم قد كمل ، ورد الشهادة لمعنى غير تفريطهم ، فأشبه ما لو شهد أربعة مستورون ، ولم تثبت عدالتهم ولا فسقهم .

                                                                                                                                            الثالثة : إن كانوا عميانا أو بعضهم ، جلدوا ، وإن كانوا عبيدا أو فساقا ، فلا حد عليهم . وهو قول الثوري ، وإسحاق ; لأن العميان معلوم كذبهم ; لأنهم شهدوا بما لم يروه يقينا ، والآخرون يجوز صدقهم ، وقد كمل عددهم ، فأشبهوا مستوري الحال . وقال أصحاب الشافعي : إن كان رد الشهادة لمعنى ظاهر ، كالعمى ، والرق ، والفسق الظاهر [ ص: 68 ] ففيهم قولان ، وإن كان لمعنى خفي ، فلا حد عليهم ; لأن ما يخفى يخفى على الشهود ، فلا يكون ذلك تفريطا منهم ، بخلاف ما يظهر .

                                                                                                                                            وإن شهد ثلاثة رجال وامرأتان ، حد الجميع ; لأن شهادة النساء في هذا الباب كعدمها .

                                                                                                                                            وبهذا قال الثوري ، وأصحاب الرأي . وهذا يقوي رواية إيجاب الحد على الأولين ، وينبه على إيجاب الحد فيما إذا كانوا عميانا أو أحدهم ; لأن المرأتين يحتمل صدقهما ، وهما من أهل الشهادة في الجملة ، والأعمى كاذب يقينا ، وليس من أهل الشهادة على الأفعال ، فوجوب الحد عليهم وعلى من معهم أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية