الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 128 ] النوع الرابع والعشرون

معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه

اعلم أن طرق نقل الحديث وتحمله على أنواع متعددة ، ولنقدم على بيانها بيان أمور :

أحدها : يصح التحمل قبل وجود الأهلية ، فتقبل رواية من تحمل قبل الإسلام وروى بعده ، وكذلك رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده .

ومنع من ذلك قوم فأخطئوا ؛ لأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة كالحسن بن علي ، وابن عباس ، وابن الزبير ، والنعمان بن بشير ، وأشباههم من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وما بعده ، ولم يزالوا قديما وحديثا يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع ، ويعتدون بروايتهم لذلك ، والله أعلم .

الثاني : قال أبو عبد الله الزبيري : " يستحب كتب الحديث في العشرين ؛ لأنها مجتمع العقل " . قال : " وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض " .

وورد عن سفيان الثوري قال : " كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبد قبل ذلك عشرين سنة " .

وقيل لموسى بن إسحاق : " كيف لم تكتب عن أبي نعيم ؟ " [ ص: 129 ] فقال : " كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة " . وقال موسى بن هارون : " أهل البصرة يكتبون لعشر سنين ، وأهل الكوفة لعشرين ، وأهل الشام لثلاثين " ، والله أعلم .

قلت : وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد أن يبكر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه بسماعه ، وأما الاشتغال بكتبه الحديث ، وتحصيله ، وضبطه ، وتقييده ، فمن حين يتأهل لذلك ويستعد له ، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، وليس ينحصر في سن مخصوص ، كما سبق ذكره آنفا عن قوم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية