الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
إذا اجتمعت المفاسد المحضة فإن أمكن درؤها درأنا ، وإن تعذر درء الجميع درأنا الأفسد فالأفسد والأرذل فالأرذل ، فإن تساوت فقد يتوقف وقد يتخير وقد يختلف في التساوي والتفاوت ، ولا فرق في ذلك بين مفاسد المحرمات والمكروهات ، ولاجتماع المفاسد أمثلة : أحدها : أن يكره على قتل مسلم بحيث لو امتنع منه قتل ، فيلزمه أن يدرأ مفسدة القتل بالصبر على القتل ، لأن صبره على القتل أقل مفسدة من إقدامه عليه ، وإن قدر على دفع المكروه بسبب من الأسباب لزمه ذلك لقدرته على درء المفسدة ، وإنما قدم درء القتل بالصبر لإجماع العلماء على تحريم القتل واختلافهم في الاستسلام للقتل ، فوجب تقديم درء المفسدة للجمع على وجوب درئها ، على درء المفسدة المختلف في وجوب درئها وكذلك لو أكره على الزنا واللواط فإن الصبر مختلف في جوازه ولا خلاف في تحريم الزنا واللواط .

وكذلك لو أكره بالقتل على شهادة زور أو على حكم بباطل فإن كان المكره على الشهادة به أو الحكم به قتلا أو قطع عضو وإحلال بضع محرم لم تجز الشهادة ولا الحكم ; لأن الاستسلام للقتل أولى من التسبب إلى قتل مسلم بغير ذنب ، أو قطع عضو بغير جرم ، أو إتيان بضع محرم وإن كانت الشهادة أو الحكم بمال لزمه إتلافه بالشهادة أو بالحكم حفظا لمهجته كما يلزم حفظهما بأكل مال الغير .

وكذلك من أكره على شرب الخمر ، أو غص ولم يجد ما يسيغ به الغصة سوى الخمر ، فإنه يلزمه ذلك ; لأن حفظ الحياة أعظم في نظر الشرع من رعاية المحرمات المذكورات .

التالي السابق


الخدمات العلمية