الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو الزبير ( م ، 4 ، خ تبعا )

                                                                                      محمد بن مسلم بن تدرس الإمام الحافظ الصدوق أبو الزبير القرشي الأسدي المكي مولى حكيم بن حزام .

                                                                                      روى عن جابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وأبي الطفيل ، وابن الزبير ، وحديثه عن عائشة أظنه منقطعا .

                                                                                      وروى عن طاوس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وأبي صالح ذكوان ، وسفيان بن عبد الرحمن الثقفي ، وعبيد بن عمير ، والأعرج ، وعكرمة ، ونافع بن جبير وعدة .

                                                                                      وعنه عطاء بن أبي رباح شيخه ، والزهري ، وليث بن أبي سليم ، وأيوب ، وإسماعيل بن أمية ، وأجلح بن عبد الله ، وخصيف ، وسلمة بن كهيل ، والأعمش ، وعبيد الله بن عمر ، وعمار الدهني ، وهشام بن عروة ، وموسى بن عقبة ، وهشام الدستوائي ، وقرة بن خالد ، وحجاج بن أبي عثمان ، وأشعث بن سوار ، وزيد بن أبي أنيسة ، وشعبة ، والسفيانان ، والليث ، ومالك ، وابن لهيعة ، وأبو عوانة ، وعبد الله بن المؤمل المخزومي ، وابن عجلان ، [ ص: 381 ] وابن جريج ، وهشام بن سعد ، ويزيد بن إبراهيم ، وهشيم ، ومعقل بن عبيد الله ، وخلق كثير .

                                                                                      روى ابن عيينة ، عن أبي الزبير قال : كان عطاء يقدمني إلى جابر أحفظ لهم الحديث .

                                                                                      وعن يعلى بن عطاء قال : حدثني أبو الزبير ، وكان أكمل الناس عقلا وأحفظهم .

                                                                                      وأما أيوب السختياني ، فكان إذا روى عنه ، قال : حدثنا أبو الزبير ، وأبو الزبير أبو الزبير . قال أحمد بن حنبل : يضعفه بذلك .

                                                                                      وقال يحيى بن معين ، والنسائي ، وجماعة : ثقة . وأما أبو زرعة وأبو حاتم ، والبخاري ، فقالوا : لا يحتج به . وقد أخرج البخاري في " صحيحه " لأبي الزبير مقرونا بغيره .

                                                                                      قال أبو أحمد بن عدي : هو في نفسه ثقة ، إلا أن يروي عنه بعض الضعفاء ، فيكون ذلك من جهة الضعيف .

                                                                                      قلت : هذا القول يصدق على مثل الزهري وقتادة ، وقد عيب أبو الزبير بأمور لا توجب ضعفه المطلق ، منها التدليس . وقد روى محمد بن جعفر المدائني ، عن ورقاء ، قلت لشعبة : لم تركت حديث أبي الزبير ؟ قال : رأيته يزن ويسترجع في الميزان .

                                                                                      وروى أبو داود ، عن شعبة ، قال : لم يكن في الدنيا شيء أحب إلي من رجل يقدم من مكة فأسأله عن أبي الزبير قال : فقدمت مكة ، فسمعت من أبي الزبير . فبينا أنا عنده إذ سأله رجل عن مسألة ، فرد عليه ، فافترى عليه ، [ ص: 382 ] فقلت : تفتري يا أبا الزبير على رجل مسلم ؟ فقال : إنه أغضبني . قلت ومن يغضبك تفتري عليه ؟ لا رويت عنك أبدا . فكان شعبة يقول : في صدري لأبي الزبير أربعمائة حديث . وأما أبو عمر الحوضي : فقال : قيل لشعبة : لم تركت أبا الزبير ؟ قال : رأيته يسيء الصلاة ، فتركت الرواية عنه .

                                                                                      قال عمر بن عيسى بن يونس ، عن أبيه : قال لي شعبة : لو رأيت أبا الزبير لرأيت شرطيا بيده خشبة . فقلت : ما لقي منك أبو الزبير .

                                                                                      سعيد بن أبي مريم : حدثنا الليث ، قال : قدمت مكة ، فجئت أبا الزبير ، فدفع إلي كتابين ، وانقلبت بهما ، ثم قلت في نفسي : لو عاودته فسألته أسمع هذا كله من جابر ؟ فرجعت فسألته فقال : منه ما سمعت منه ، ومنه ما حدثت عنه . فقلت له : أعلم لي على ما سمعت ، فأعلم لي على هذا الذي عندي .

                                                                                      قال نعيم بن حماد : قال سفيان : جاء رجل إلى أبي الزبير ، ومعه كتاب سليمان اليشكري ، فجعل يسأل أبا الزبير فيحدث بعض الحديث ، ثم يقول : انظر كيف هو في كتابك ، قال : فيخبره بما في الكتاب ، فيحدثه كما في الكتاب .

                                                                                      وقال أبو مسلم المستملي : حدثنا سفيان قال : جئت أبا الزبير أنا ورجل ، وكنا إذا سألنا عن الحديث فتعايى فيه ، قال : انظروا في الصحيفة كيف هو ؟ .

                                                                                      محمد بن يحيى العدني ، عن ابن عيينة ، قال : ما تنازع أبو الزبير وعمرو بن دينار قط عن جابر إلا زاد عليه أبو الزبير .

                                                                                      قال محمد بن عثمان العبسي : سألت علي بن المديني عن أبي الزبير ، فقال : ثقة ثبت .

                                                                                      [ ص: 383 ] وقال عثمان بن سعيد : سألت يحيى : أيما أحب إليك أبو الزبير أو ابن المنكدر ؟ فقال : كلاهما ثقتان .

                                                                                      وقال أبو محمد بن حزم : فلا أقبل من حديثه إلا ما فيه : " سمعت جابرا " وأما رواية الليث عنه فاحتج بها مطلقا ; لأنه ما حمل عنه إلا ما سمعه من جابر ، وعمدة ابن حزم حكاية الليث ، ثم هي دالة على أن الذي عنده إنما هو مناولة فالله أعلم أسمع ذلك منه أم لا .

                                                                                      قال ابن عون : ما أبو الزبير بدون عطاء بن أبي رباح ؟ .

                                                                                      قلت : ما توقف في الرواية عنه سوى شعبة ، . قد روى عنه مثل أيوب ومالك . وقد قال عطاء : كان أبو الزبير أحفظنا .

                                                                                      يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي ; وقد احتج عليه رجل بحديث عن أبي الزبير فضعفه ، وقال : أبو الزبير يحتاج إلى دعامة .

                                                                                      وقال نعيم بن حماد : سمعت هشيما يقول : سمعت من أبي الزبير ، فأخذه شعبة فمزقه .

                                                                                      سويد بن عبد العزيز : قال لي شعبة : لا تكتب عن أبي الزبير ، فإنه لا يحسن يصلي ، ثم ذهب هو فأخذ عنه . أبو داود الطيالسي : سمعت شعبة يقول : الساعة يخرج ، الساعة يخرج ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر ، قال : كنت في الصف الثاني يوم صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على النجاشي المحاربي وغيره قالا : حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي ، عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال : إذا رأيت أمتي تهاب [ ص: 384 ] الظالم أن تقول له : إنك ظالم ، فقد تودع منهم سفيان ، عن أبي الزبير قال : كان عطاء يقدمني إلى جابر أتحفظ للقوم الحديث . الحسن بن سعيد الخولاني : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير قال : رأيت العبادلة يرجعون على صدور أقدامهم في الصلاة : ابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وعبد الله بن عمرو .

                                                                                      قال يحيى : هو رأي الليث ومفضل بن فضالة . هشيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : كان أحدنا يأتي الغدير وهو جنب فيغتسل في ناحية .

                                                                                      معاوية بن عمار ، عن أبي الزبير ، عن جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : دخل مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام ثقة ، عن أبي الزبير ، عن جابر : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب والسنور حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن جابر : ذبحنا يوم خيبر الخيل .

                                                                                      [ ص: 385 ] أبو الزبير ، عن جابر مرفوعا : لا يحل لأحد يحمل السلاح بمكة وبه : رأى -عليه السلام- امرأة أعجبته ، فأتى أهله زينب وبه : نهى عن تجصيص القبور فهذه غرائب وهي في صحيح مسلم . حديث الثوري ، عن أبي الزبير ، عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : زار البيت ليلا أخرجه مسلم وهو عندي منقطع . وأخرج أبو داود لأبي الزبير ، عن أبي هريرة ، حديث فطركم يوم تفطرون .

                                                                                      [ ص: 386 ] أخبرني محمد بن عثمان الخشاب ، أخبرنا أحمد بن محمد الفقيه ، أخبرتنا عين الشمس الثقفية ، أنبأنا محمد بن علي ، أنبأنا أبو طاهر بن عبد الرحيم ، أنبأنا أبو الشيخ . حدثنا ابن أبي حاتم ، حدثنا علي بن حرب ، حدثنا عتيق بن يعقوب الزبيري ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، سمعت أبا أسيد وابن عباس يفتي الدينار بالدينارين ، فأغلظ له أبو أسيد ، فقال ابن عباس : ما كنت أظن أحدا يعرف قرابتي من رسول الله ، يقول مثل هذا يا أبا أسيد ، فقال له أبو أسيد : أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، وصاع حنطة بصاع حنطة ، وصاع شعير بصاع شعير ، وصاع ملح بصاع ملح ، لا فضل بين ذلك فقال ابن عباس : هذا الذي كنت أقوله برأيي ، ولم أسمع فيه بشيء لم يخرجوه في الكتب الستة .

                                                                                      قال أبو حفص الفلاس وغيره : مات أبو الزبير سنة ثمان وعشرين ومائة ولم يذكروا له مولدا . ولعله نيف على الثمانين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية