الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو مصعب ( ع )

                                                                                      الإمام الثقة ، شيخ دار الهجرة ، أبو مصعب ، أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري المدني الفقيه قاضي المدينة .

                                                                                      ولد سنة خمسين ومائة ولازم مالك بن أنس ، وتفقه به ، وسمع منه " الموطأ " وأتقنه عنه .

                                                                                      وسمع من : العطاف بن خالد ، ويوسف بن الماجشون ، ومسلم بن خالد الزنجي ، وحسين بن زيد بن علي ، وابن أبي حازم ، ومحرز بن [ ص: 437 ] هارون ، وإبراهيم بن سعد ، ومحمد بن إبراهيم بن دينار ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وطبقتهم .

                                                                                      حدث عنه : البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وروى النسائي عن رجل عنه ، وروى عنه إسماعيل القاضي ، وبقي بن مخلد ، ويعقوب بن سفيان ، وأبو زرعة الرازي ، ومطين ، ومحمد بن المعافي الصيداوي ، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، وخلق كثير .

                                                                                      قال الزبير بن بكار : هو فقيه أهل المدينة غير مدافع .

                                                                                      وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي : أتى قوم أبا مصعب الزهري ، فقالوا : إن قبلنا ببغداد رجلا ، يقول : لفظه بالقرآن مخلوق . فقال : هذا كلام خبيث نبطي .

                                                                                      وقال الزبير بن بكار : كان أبو مصعب على شرطة عبيد الله بن الحسن بن عبد الله الهاشمي عامل المأمون على المدينة ، وولي القضاء . قال : وقال أبو زرعة ، وأبو حاتم : صدوق .

                                                                                      قلت : احتج به أصحاب الصحاح .

                                                                                      وقال أحمد بن أبي خيثمة في " تاريخه " : خرجنا في سنة تسع عشرة ومائتين إلى مكة ، فقلت لأبي : عمن أكتب ؟ فقال : لا تكتب عن أبي مصعب ، واكتب عمن شئت .

                                                                                      قلت : أظنه نهاه عنه لدخوله في القضاء والمظالم ، وإلا فهو ثقة ، نادر الغلط ، كبير الشأن .

                                                                                      قال أبو محمد بن حزم : آخر شيء روي عن مالك من " الموطآت " : [ ص: 438 ] موطأ أبي مصعب ، وموطأ أحمد بن إسماعيل السهمي ، وفي هذين الموطأين نحو من مائة حديث زائدة . وهما آخر ما روي عن مالك . وفي ذلك دليل على أنه كان يزيد في الموطأ أحاديث كل وقت ، كان أغفلها ، ثم أثبتها وهكذا يكون العلماء رحمهم الله .

                                                                                      قال ابن عبد البر : مات أبو مصعب سنة إحدى وأربعين ومائتين . كذا قال .

                                                                                      وقال الزبير بن بكار : مات في شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين ومائتين . وهو على القضاء ، وله اثنتان وتسعون سنة .

                                                                                      قال أبو الحسن الدارقطني : أبو مصعب ثقة في " الموطأ " ، وقدمه على يحيى بن بكير .

                                                                                      قال أبو إسحاق في " طبقاته " : كان أبو مصعب من أعلم أهل المدينة . روي أنه قال : يا أهل المدينة ، لا تزالون ظاهرين على أهل العراق ما دمت لكم حيا .

                                                                                      قلت : سمعت موطأه من أبي الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء ، في سنة خمس وتسعين وستمائة سوى ذاك الفوت القديم ، وهو المساقاة والقراض بإجازته عن المؤيد الطوسي ، قال : أخبرنا هبة الله بن سهل السيدي ، أخبرنا أبو عثمان البحيري ، أخبرنا زاهر بن أحمد السرخسي ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب الزهري ، عن مالك .

                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه ، أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أخبرنا محمد بن أبي القاسم المفسر ، ومحمد بن إبراهيم المغازلي ، وعمر بن بركة ، والأنجب بن أبي [ ص: 439 ] السعادات ، وسعيد بن ياسين ، وصفية بنت أبي طاهر ( ح ) وأخبرنا سنقر بن عبد الله الزيني بحلب ، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف ، وعبد اللطيف بن محمد ، والأنجب بن أبي السعادات ، وعلي بن أبي الفخار ، ومحمد بن محمد بن السباك ، وغيرهم ( ح ) أخبرنا إسماعيل بن الفراء أيضا ، وأحمد بن مؤمن ، ومحمد بن علي ، ومحمد بن يعقوب الأسدي ، وابن عمه أيوب بن أبي بكر ، وعبد الكريم بن محمد بن محمد ، وبيبرس المجدي ، قالوا : أخبرنا إبراهيم بن عثمان الكاشغري قالوا كلهم : أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ، زاد الكاشغري ، فقال : وأخبرنا علي بن عبد الرحمن الطوسي ( ح ) ، وأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق ، أخبرنا محمد بن عمر الحربي ، عن محمد بن ناصر الحافظ ( ح ) ، وأخبرنا أبو المعالي ، أخبرنا أبو الوقت محاسن إجازة ، إن لم يكن سماعا ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزعفراني ، قالوا أربعتهم : أخبرنا مالك بن أحمد الفراء ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن المجبر ، حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد إملاء ، حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية متفق عليه . [ ص: 440 ]

                                                                                      أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى بن يحيى ، كلاهما عن مالك .

                                                                                      ورواه البخاري أيضا عن مسدد ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله بن عمر ، ومسلم عن ابن نمير ، عن أبيه ، عن عبيد الله ، وعن حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس ، وعن عبد بن حميد عن عبد الرزاق ، عن معمر جميعا عن ابن شهاب .

                                                                                      ورواه النسائي في تصنيفه لحديث مالك ، فقال : حدثنا زكريا السجزي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، وهو ابن أبي شيبة ، عن سعيد بن محبوب ، عن عبثر بن القاسم ، عن سفيان الثوري ، عن الإمام مالك ، فكأن مشايخي سمعوه من النسائي . وقد سمى أبو القاسم في " النبل " والد أبي مصعب زرارة ، والصحيح أن اسمه كنيته بدليل ما أخبرني أحمد بن عساكر ، عن عبد المعز بن محمد ، أخبرنا زاهر ، أنبأنا محمد ، أخبرنا أبو أحمد الحاكم ، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي ، حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ، وسألناه عن اسم أبيه ، فقال : لا يعرف له اسم .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية