الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 142 ] أبو نعيم ( ع )

                                                                                      الفضل بن دكين ، الحافظ الكبير ، شيخ الإسلام الفضل بن عمرو بن حماد بن زهير بن درهم التيمي الطلحي القرشي مولاهم الكوفي الملائي الأحول ، مولى آل طلحة بن عبيد الله .

                                                                                      وكان شريكا لعبد السلام بن حرب الملائي ، كانا في حانوت بالكوفة يبيعان الملاء وغير ذلك ، وكان كذلك غالب علماء السلف إنما ينفقون من كسبهم .

                                                                                      أخبرنا جماعة في كتابهم قالوا : أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام ، قال : كنا جلوسا مع حذيفة ، فقيل له : إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان . فقال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : لا يدخل الجنة قتات .

                                                                                      رواه أحمد والبخاري ، عن أبي نعيم .

                                                                                      [ ص: 143 ] أنبأنا ابن قدامة وجماعة ، عن أبي جعفر الصيدلاني ، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، أخبرنا ابن ريذة أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أبو زرعة الدمشقي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن النعمان بن بشير ، قال : استأذن أبو بكر على النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا عائشة ترفع عليه صوتها ، فقال : يا ابنة فلانة ! ترفعين صوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ! ، فحال النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبينها ، ثم خرج أبو بكر ، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يترضاها ، فقال : ألم تريني حلت بين الرجل وبينك ، ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى ، فسمع تضاحكهما ، فقال : أشركاني في سلمكما ، كما أشركتماني في حربكما .

                                                                                      أخرجه أبو داود والنسائي من حديث يونس .

                                                                                      وبه إلى سليمان : حدثنا علي بن عبد العزيز ، وبشر بن موسى قالا : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن الشعبي ، عن المقدام أبي كريمة الشامي ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم ، فإن أصبح بفنائه فهو دين عليه ، إن شاء اقتضاه ، وإن شاء تركه .

                                                                                      [ ص: 144 ] رواهما أحمد ، عن أبي نعيم .

                                                                                      وفي " الطبقات " لابن سعد : أخبرنا عبدوس بن كامل ، قال : دفن أبو نعيم يوم سلخ شعبان ، قال : وأخبرني من حضره قال : اشتكى قبل أن يموت بيوم ليلة الاثنين ، فما تكلم إلى الظهر ، ثم تكلم ، فأوصى ابنه عبد الرحمن ببني ابن يقال له : ميثم كان مات قبله ، فلما أمسى طعن في عنقه ، وظهر به ورشكين في يده ، فتوفي ليلتئذ ، وأخرج بكرة ، ولم يعلم به كثير من الناس ، ثم جاء الوالي محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن موسى الهاشمي ، فلامهم إذ لم يخبروه ، ثم تنحى به عن القبر ، فصلى عليه هو وأصحابه .

                                                                                      قال أحمد بن ملاعب : سمعت أبا نعيم يقول : ولدت في آخر سنة ثلاثين ومائة .

                                                                                      سمع : سليمان الأعمش ، وزكريا بن أبي زائدة ، وجعفر بن برقان ، وعمر بن ذر ، وإسماعيل بن مسلم العبدي ، وطلحة بن عمرو ، وعبد الواحد بن أيمن ، وبشير بن المهاجر ، وفطر بن خليفة ، ومالك بن مغول ، وأبا خلدة خالد بن دينار ، وسليمان بن سيف المكي ، وموسى بن علي ، ويونس بن أبي إسحاق ، ومسعر بن كدام ، وسفيان الثوري ، وشعبة ، والحسن بن صالح ، وعبد الله بن حبيب بن أبي ثابت ، وزمعة بن صالح ، وإسرائيل ، وشريكا ، وعبد الرحمن بن الغسيل ، وابن أبي رواد ، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وإياس بن دغفل ، وأبان بن عبد الله البجلي ، وإبراهيم بن نافع المكي ، وإسحاق بن سعيد القرشي ، [ ص: 145 ] وبدر بن عثمان ، وحبيب بن جري ، والحكم بن معاذ ، وخالد بن طهمان ، وسعد بن أوس ، وعصام بن قدامة ، والمسعودي ، وإسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء ، وجرير بن حازم ، وسعيد بن عبيد الطائي ، وعبيدة بن أبي رائطة ، وأبا حنيفة ، وابن أبي ليلى ، وشيبان النحوي ، ومحمد بن قيس الأسدي ، وسلمة بن نبيط ، ويعلى بن الحارث المحاربي ، وخلقا سواهم . وكان من أئمة هذا الشأن وأثباتهم .

                                                                                      حدث عنه : البخاري كثيرا ، وهو من كبار مشيخته ، وروى هو والجماعة عن رجل عنه ، وروى عنه أحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وابن معين ، وأبو خيثمة ، وابنا أبي شيبة ، والذهلي ، وأبو محمد الدارمي ، وعبد بن حميد ، وعباس الدوري ، وأبو زرعة الرازي والدمشقي ، ومحمد بن سنجر ، وأبو حاتم ، وابن الفرات ، وعلي بن عبد العزيز البغوي ، وإسماعيل بن سمويه ، وعبد الله بن محمد بن النعمان ، وجعفر بن محمد بن شاكر ، وأحمد بن مهدي الأصبهاني ، وإبراهيم الحربي ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي ، وبشر بن موسى ، وإسحاق بن الحسن الحربي ، ومحمد بن سليمان الباغندي ، وعمير بن مرداس ، وأحمد بن الهيثم بن خالد البزاز ، ويحيى بن عبدويه البغدادي شيخ الطبراني ، ومحمد بن يوسف بن الطباع ، وأحمد بن إسحاق الوزان ، ومحمد بن يونس الكديمي ، والحارث بن محمد التميمي ، وفضيل بن محمد الملطي [ ص: 146 ] وأحمد بن خليد الحلبي ، ومحمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي ، وأحمد بن محمد السوطي وأحمد بن موسى الحمار ، ومحمد بن جعفر القتات وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن ماهان المزني ، وجعفر بن محمد الأحمسي ، والحسن بن علي بن جعفر الوشاء ، وأمم سواهم . وتبقى صغار أصحابه إلى بعيد الثلاثمائة .

                                                                                      وقد حدث عنه : عبد الله بن المبارك مع تقدمه ، وبينه وبين القتات في الوفاة مائة عام وعشرون عاما .

                                                                                      والظاهر أنه آخر من حدث عن الأعمش من الثقات .

                                                                                      قال أبو نعيم : شاركت سفيان الثوري في أكثر من أربعين شيخا .

                                                                                      وأما حنبل بن إسحاق فقال : قال أبو نعيم : كتبت عن نيف ومائة شيخ ممن كتب عنهم سفيان .

                                                                                      قال محمد بن عبدة بن سليمان : كنت مع أبي نعيم ، فقال له أصحاب الحديث : يا أبا نعيم ، إنما حملت عن الأعمش هذه الأحاديث .

                                                                                      فقال : ومن كنت أنا عند الأعمش ؟ كنت قردا بلا ذنب .

                                                                                      قال صالح بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : وكيع وعبد الرحمن ويزيد بن هارون ، أين يقع أبو نعيم من هؤلاء ؟ قال : يجيء حديثه على النصف من هؤلاء ، إلا أنه كيس يتحرى الصدق ، قلت : فأبو نعيم أثبت [ ص: 147 ] أو وكيع ؟ فقال : أبو نعيم أقل خطأ .

                                                                                      وقال حنبل ، عن أبي عبد الله قال : أبو نعيم أعلم بالشيوخ وأنسابهم وبالرجال ، ووكيع أفقه .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة : سمعت أحمد يقول : أبو نعيم أثبت من وكيع .

                                                                                      وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه قال : أخطأ وكيع في خمسمائة حديث .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن الحسن الترمذي : سمعت أبا عبد الله يقول : إذا مات أبو نعيم صار كتابه إماما ، إذا اختلف الناس في شيء ، فزعوا إليه .

                                                                                      قال أبو زرعة الدمشقي : سمعت يحيى بن معين يقول : ما رأيت أحدا أثبت من رجلين ، أبي نعيم وعفان .

                                                                                      قال أبو زرعة : وسمعت أحمد بن صالح يقول : ما رأيت محدثا أصدق من أبي نعيم .

                                                                                      قال يعقوب الفسوي : أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان .

                                                                                      [ ص: 148 ] وقال أبو حاتم : كان حافظا متقنا ، لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري ، وكان أبو نعيم يحفظ حديث الثوري حفظا جيدا -يعني الذي عنده عنه- قال : وهو ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث ، ويحفظ حديث مسعر ، وهو خمسمائة حديث ، وكان لا يلقن .

                                                                                      قال أحمد بن منصور الرمادي : خرجت مع أحمد ويحيى إلى عبد الرزاق خادما لهما ، قال : فلما عدنا إلى الكوفة ، قال يحيى بن معين : أريد أن أختبر أبا نعيم ، فقال أحمد : لا ترد ، فالرجل ثقة .

                                                                                      قال يحيى : لا بد لي . فأخذ ورقة ، فكتب فيها ثلاثين حديثا وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه ، ثم إنهم جاءوا إلى أبي نعيم ، فخرج ، وجلس على دكان طين ، وأخذ أحمد بن حنبل ، فأجلسه عن يمينه ، ويحيى عن يساره ، وجلست أسفل الدكان ، ثم أخرج يحيى الطبق ، فقرأ عليه عشرة أحاديث ، فلما قرأ الحادي عشر ، قال أبو نعيم : ليس هذا من حديثي ، اضرب عليه ، ثم قرأ العشر الثاني ، وأبو نعيم ساكت ، فقرأ الحديث الثاني ، فقال أبو نعيم : ليس هذا من حديثي فاضرب عليه ، ثم قرأ العشر الثالث ، ثم قرأ الحديث الثالث ، فتغير أبو نعيم ، وانقلبت عيناه ، ثم أقبل على يحيى ، فقال : أما هذا -وذراع أحمد بيده- فأورع من أن يعمل مثل هذا ، وأما هذا -يريدني- فأقل من أن يفعل ذاك ، ولكن هذا من فعلك يا فاعل وأخرج رجله ، فرفس يحيى ، فرمى به من [ ص: 149 ] الدكان ، وقام ، فدخل داره .

                                                                                      فقال أحمد بن حنبل ليحيى : ألم أمنعك وأقل لك : إنه ثبت ، قال : والله ، لرفسته لي أحب إلي من سفرتي .

                                                                                      قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : شيخان كان الناس يتكلمون فيهما ويذكرونهما ، وكنا نلقى من الناس في أمرهما ما الله به عليم ، قاما لله بأمر لم يقم به كبير أحد : عفان وأبو نعيم .

                                                                                      قال أبو العباس السراج عن الكديمي قال : لما دخل أبو نعيم على الوالي ليمتحنه ، وثم يونس وأبو غسان وغيرهما ، فأول من امتحن فلان ، فأجاب ، ثم عطف على أبي نعيم ، فقال : قد أجاب هذا ، فما تقول ؟ فقال : والله ما زلت أتهم جده بالزندقة ، ولقد أخبرني يونس بن بكير أنه سمع جده يقول : لا بأس أن يرمي الجمرة بالقوارير . أدركت الكوفة وبها أكثر من سبعمائة شيخ ، الأعمش فمن دونه يقولون : القرآن كلام الله وعنقي أهون من زري هذا ، فقام إليه أحمد بن يونس ، فقبل رأسه -وكان بينهما شحناء- وقال : جزاك الله من شيخ خيرا .

                                                                                      أحمد بن الحسن الترمذي وغيره ، عن أبي نعيم قال : القرآن كلام الله ليس بمخلوق .

                                                                                      قال الطبراني : سمعت صليحة بنت أبي نعيم تقول : سمعت أبي يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال : مخلوق ، فهو كافر .

                                                                                      [ ص: 150 ] قال أبو المظفر في كتاب " مرآة الزمان " : قال عبد الصمد بن المهتدي : لما دخل المأمون بغداد ، نادى بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذلك لأن الشيوخ بقوا يضربون ويحبسون ، فنهاهم المأمون ، وقال : قد اجتمع الناس على إمام ، فمر أبو نعيم ، فرأى جنديا وقد أدخل يديه بين فخذي امرأة ، فنهاه بعنف ، فحمله إلى الوالي ، فيحمله الوالي إلى المأمون . قال : فأدخلت عليه بكرة وهو يسبح ، فقال : توضأ . فتوضأت ثلاثا ثلاثا على ما رواه عبد خير ، عن علي فصليت ركعتين ، فقال : ما تقول في رجل مات عن أبوين ؟ فقلت : للأم الثلث ، وما بقي للأب . قال : فإن خلف أبويه وأخاه ؟

                                                                                      قلت : المسألة بحالها ، وسقط الأخ . قال : فإن خلف أبوين وأخوين ؟ قلت : للأم السدس وما بقي للأب . قال : في قول الناس كلهم ؟

                                                                                      قلت : لا ، إن جدك ابن عباس يا أمير المؤمنين ما حجب الأم عن الثلث إلا بثلاثة إخوة . فقال : يا هذا ، من نهى مثلك عن الأمر بالمعروف ؟ ! إنما نهينا أقواما يجعلون المعروف منكرا . ثم خرجت .

                                                                                      روى المروذي عن أحمد بن حنبل قال : إنما رفع الله عفان وأبا نعيم بالصدق حتى نوه بذكرهما .

                                                                                      قال أبو عبيد الآجري : قلت لأبي داود : كان أبو نعيم حافظا ؟ قال : جدا .

                                                                                      [ ص: 151 ] قال أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء : كنا نهاب أبا نعيم أشد من هيبة الأمير .

                                                                                      قلت : وكان في أبي نعيم تشيع خفيف .

                                                                                      قال أحمد بن ملاعب : حدثني ثقة قال : قال أبو نعيم : ما كتبت علي الحفظة أني سببت معاوية . وبلغنا عن أبي نعيم أنه قال : حب علي -رضي الله عنه- عبادة ، وخير العبادة ما كتم .

                                                                                      قال محمد بن أبان : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : إذا وافقني هذا الأحول -يعني أبا نعيم - ما أبالي من خالفني .

                                                                                      قال يعقوب السدوسي : سمعت أحمد بن حنبل يقول : نزاحم به سفيان بن عيينة .

                                                                                      قلت : توفي أبو نعيم شهيدا ، فإنه طعن في عنقه ، وحصل له ورشكين .

                                                                                      قال محمد بن عبد الله مطين : رأيت أبا نعيم وكلمته . قال : ومات يوم الشك من رمضان سنة تسع عشرة ومائتين .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة عمن حدثه : إن أبا نعيم مات بالكوفة ليلة الثلاثاء لانسلاخ شعبان سنة تسع عشرة .

                                                                                      قلت : شذ محمد بن المثنى الزمن ، فقال : مات في آخر سنة ثمان [ ص: 152 ] عشرة ومائتين .

                                                                                      قال بشر بن عبد الواحد : رأيت أبا نعيم في المنام ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ -يعني فيما كان يأخذ على الحديث- فقال : نظر القاضي في أمري ، فوجدني ذا عيال ، فعفا عني .

                                                                                      قلت : ثبت عنه أنه كان يأخذ على الحديث شيئا قليلا لفقره .

                                                                                      قال علي بن خشرم : سمعت أبا نعيم يقول : يلومونني على الأخذ ، وفي بيتي ثلاثة عشر نفسا ، وما في بيتي رغيف .

                                                                                      قلت : لاموه على الأخذ يعني من الإمام ، لا من الطلبة .

                                                                                      أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي ، أنبأنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قراءة عليه ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : قال الله عز وجل : الصوم لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي ، والصوم جنة ، وللصائم فرحتان ، فرحة حين يفطر ، وفرحة حين يلقى الله عز وجل ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .

                                                                                      أخرجه البخاري في التوحيد عن أبي نعيم ، فوافقناه بعلو .

                                                                                      [ ص: 153 ] وحديث أبي نعيم كثير الوقوع في الكتب والأجزاء ، وقد جمع أبو نعيم الحافظ ما وقع له عاليا من حديث أبي نعيم الملائي في جزء من طرق مختلفة صدره بما حدثه ابن فارس عن ابن الفرات وسمويه ، كلاهما عنه ، وعدة ذلك ثمانية وسبعون حديثا بعضها آثار .

                                                                                      أخبرنا محمد بن قيماز الدقيقي ، أخبرنا محمد بن قوام ، أخبرنا خليل بن بدر ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا أحمد بن الفرات ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الدواء الخبيث .

                                                                                      غريب وإسناده صالح .

                                                                                      أخبرنا أبو إسحاق بن الواسطي وجماعة كتابة قالوا : أخبرنا ابن بهروز أخبرنا أبو الوقت ، أخبرنا أبو إسماعيل الحافظ ، أخبرنا أبو يعقوب -يعني القراب- حدثنا بشر بن محمد ، سمعت أبا العباس الأزهري ، سمعت محمد بن مسلم بن وارة ، سمعت أبا نعيم يقول : [ ص: 154 ] ينبغي أن يكتب هذا الشأن عمن كتب الحديث يوم كتب ، يدري ما كتب ، صدوق مؤتمن عليه ، يحدث يوم يحدث ، يدري ما يحدث .

                                                                                      قال البيهقي : أخبرك الحاكم ، أخبرنا أبو زكريا العنزي ، حدثنا جعفر بن محمد بن سوار ، حدثنا عبد الصمد بن سليمان بن أبي مطر البلخي : سألت أحمد بن حنبل ، عن يحيى بن سعيد وابن مهدي ووكيع وأبي نعيم ، فقال : ما رأيت أجد من وكيع ، وكفاك بعبد الرحمن معرفة وإتقانا ، وما رأيت رجلا أوزن بقوم من غير محاباة ، وأشد تثبتا في أمور الرجال من يحيى بن سعيد ، وأبو نعيم : فأقل الأربعة خطأ ، وهو عندي ثقة موضع الحجة في الحديث .

                                                                                      أحمد بن ملاعب : سمعت أبا نعيم يقول : لا ينبغي أن يؤخذ الحديث إلا من حافظ له ، أمين له ، عارف بالرجال .

                                                                                      قلت : وقد كان أبو نعيم ذا دعابة ، فروى علي بن العباس المقانعي ، سمعت الحسين بن عمرو العنقزي يقول : دق رجل على أبي نعيم الباب ، فقال : من ذا ؟ قال : أنا ، قال : من أنا ؟ قال : رجل من ولد آدم ، فخرج إليه أبو نعيم ، وقبله ، وقال : مرحبا وأهلا ، ما ظننت أنه بقي من هذا النسل أحد .

                                                                                      قلت : عدد شيوخه في التهذيب مائتان وثلاثة أنفس .

                                                                                      [ ص: 155 ] قال محمد بن جعفر القتات : حدثنا أبو نعيم الأحول من العينين سنة ثمان عشرة .

                                                                                      روى جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، عن أبي نعيم قال : عندي عن أمير المؤمنين في الحديث سفيان أربعة آلاف .

                                                                                      الفضل بن زياد : سألت أحمد : أيجري عندك ابن فضيل مجرى عبيد الله بن موسى ؟ قال : لا ، كان ابن فضيل أستر ، وكان عبيد الله صاحب تخليط ، روى أحاديث سوء . قلت : فأبو نعيم يجري مجراهما ؟

                                                                                      قال : لا ، أبو نعيم يقظان في الحديث ، وقام في الأمر -يعني المحنة- ثم قال : إذا رفعت أبا نعيم من الحديث فليس بشيء .

                                                                                      وروى المروذي ، عن أبي عبد الله قال : يحيى ، وعبد الرحمن ، وأبو نعيم الحجة الثبت .

                                                                                      وروى الميموني ، عن أحمد أنه أثنى على أبي نعيم ، وقال : كان ثقة ، يقظان في الحديث ، عارفا به ، ثم قام في أمر الامتحان ما لم يقم غيره ، عافاه الله .

                                                                                      قال محمد بن عبد الله بن عمار : أبو نعيم متقن حافظ ، إذا روى عن الثقات ، فحديثه حجة أحج ما يكون .

                                                                                      [ ص: 156 ] وقال عثمان بن أبي شيبة مرة : حدثنا الأسد . فقيل : من ؟ قال : أبو نعيم .

                                                                                      وقال أبو حاتم : سألت عليا : من أوثق أصحاب الثوري ؟ قال : يحيى وعبد الرحمن ووكيع وأبو نعيم .

                                                                                      وقال العجلي : ثقة ثبت في الحديث .

                                                                                      وقال أبو حاتم : ثقة يحفظ حديث الثوري ومسعر حفظا جيدا ، كان يحزر حديث الثوري ثلاثة آلاف وخمسمائة ، وحديث مسعر نحو خمسمائة ، كان يأتي بحديث الثوري على لفظ واحد لا يغيره وكان لا يلقن وكان حافظا متقنا .

                                                                                      وعن أبي نعيم قال : نظر ابن المبارك في كتبي ، فقال : ما رأيت أصح من كتبك .

                                                                                      أبو سهل بن زياد : سمعت الكديمي ، سمعت أبا نعيم يقول : كثر تعجبي من قول عائشة :

                                                                                      ذهب الذين يعاش في أكنافهم

                                                                                      لكني أقول : [ ص: 157 ]

                                                                                      ذهب الناس فاستقلوا وصرنا     خلفا في أراذل النسناس
                                                                                      في أناس نعدهم من عديد     فإذا فتشوا فليسوا بناس
                                                                                      كلما جئت أبتغي النيل منهم     بدروني قبل السؤال بياس
                                                                                      وبكوا لي حتى تمنيت أني     منهم قد افلت رأسا براس

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية