الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أحمد بن الفرات ( د )

                                                                                      ابن خالد ، الشيخ الإمام الحافظ الكبير الحجة ، محدث أصبهان ، [ ص: 481 ] أبو مسعود ، الضبي الرازي ، نزيل أصبهان .

                                                                                      ولد سنة نيف وثمانين ومائة في خلافة هارون الرشيد .

                                                                                      وطلب العلم فى الصغر ، وعد من الحفاظ ، وهو شاب أمرد ، وارتحل إلى العراق والشام والحجاز واليمن ، ولحق الكبار .

                                                                                      سمع عبد الله بن نمير ، وأبا أسامة ، وحسين بن علي الجعفي ، وأبا داود الحفري ، ويزيد بن هارون ، وأبا داود الطيالسي ، ويحيى بن آدم ، وجعفر بن عون ، ويعلى بن عبيد ، وأخاه محمد بن عبيد ، وأزهر بن سعد السمان ، وأبا عامر العقدي ، وعبد الرزاق بن همام ، وشبابة بن سوار ، وابن أبي فديك ، وأبا أحمد الزبيري ، وأبا بكر الحنفي ، ووهب بن جرير ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، ومؤمل بن إسماعيل ، وعبيد الله بن موسى ، وأبا نعيم ، وعفان ، وأبا صالح الكاتب ، ومحمد بن عيسى بن الطباع ، وأبا جعفر النفيلي ، وأبا اليمان ، وأبا عبد الرحمن المقرئ ، والهيثم بن جميل ، وأبا الوليد ، ومسلم بن إبراهيم وخلقا كثيرا ، إلى أن ينزل إلى أبي بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن حميد ، وبكر بن خلف . وللطلبة اليوم جزء من حديثه من أعلى شيء يكون .

                                                                                      حدث عنه أبو داود في سننه وأبو بكر بن عاصم ، ومحمد بن يحيى بن منده ، وجعفر الفريابي ، ومحمد بن الحسن بن المهلب ، وعبد الرحمن بن يحيى بن منده أخو محمد ، وأحمد بن محمود بن صبيح [ ص: 482 ] وخلق من الأصبهانيين ، آخرهم موتا المعمر أبو محمد بن فارس ، شيخ أبي نعيم الحافظ .

                                                                                      أخبرنا محمد بن قايماز الدقيقي ، أخبرنا محمد بن نصر الرصافي ، أخبرنا خليل بن بدر ( ح ) وأخبرنا إسحاق بن طارق ، أخبرنا يوسف بن خليل ، أخبرنا خليل الراراني ، ويحيى الثقفي ( ح ) ، وأخبرنا أحمد بن فرج الفقيه ، وعدة ، قالوا : أخبرنا ابن عبد الدائم ، أخبرنا يحيى الثقفي ( ح ) ، وأنبأنا أحمد بن سلامة ، عن الراراني ، قالا : أنبأنا أبو علي الحداد ، ويحيى محضر ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قراءة عليه في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ، حدثنا أحمد بن الفرات الحافظ سنة سبع وخمسين ومائتين ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : ما رأيت أحدا أعلم بالطب من عائشة . فقلت : يا خالة ، ممن تعلمت الطب ؟ قالت : كنت أسمع الناس ، ينعت بعضهم لبعض ، فأحفظه .

                                                                                      وبه : حدثنا أحمد بن الفرات ، أخبرنا أبو عامر ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعد بن خالد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن عثمان : أن طبيبا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ضفدع يجعلها في دواء ، فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتلها . [ ص: 483 ] وبه أخبرنا أحمد ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينام جنبا ما يمس ماء .

                                                                                      قال إبراهيم بن محمد الطيان : سمعت أبا مسعود يقول : كتبت عن ألف وسبعمائة شيخ ، أدخلت في تصانيفي ثلاث مائة وعشرة ، وعطلت سائر ذلك . وكتبت ألف ألف حديث وخمس مائة ألف حديث ، فأخذت من ذلك خمس مائة ألف حديث في التفاسير والأحكام والفوائد وغيره .

                                                                                      قال حميد بن الربيع : قدم أبو مسعود الأصبهاني مصر ، فاستلقى على قفاه ، وقال لنا : خذوا حديث أهل مصر ، قال : فجعل يقرأ علينا شيخا شيخا من قبل أن يلقاهم ، يعني : كان قد نظر في حديث مشايخ مصر من كتب الرحالين ، ووعاه .

                                                                                      وعن أبي مسعود قال : كنا نتذاكر الأبواب ، فخاضوا في باب ، فجاؤوا فيه بخمسة أحاديث ، فجئت بسادس ، فنخس أحمد بن حنبل في صدري لإعجابه بي .

                                                                                      وروى يزيد بن عبد الله الأصبهاني ، عن أحمد بن دلويه ، قال : [ ص: 484 ] دخلت على أحمد بن حنبل ، فقال : من فيكم ؟ قال : قلت : محمد بن النعمان بن عبد السلام فلم يعرفه ، فذكرت له أقواما ، فلم يعرفهم . فقال : أفيكم أبو مسعود ؟ قلت : نعم . قال : ما أعرف اليوم -أظنه قال- : أسود الرأس أعرف بمسندات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه .

                                                                                      قال أبو عروبة الحراني : أبو مسعود الأصبهاني في عداد أبي بكر بن أبي شيبة في الحفظ ، وأحمد بن سليمان الرهاوي في الثبت .

                                                                                      قيل : إن أحمد بن الفرات ، قدم أصبهان أولا ، ولم يكن معه كتاب ، فأملى كذا كذا ألف حديث من حفظه ، فلما وصلت كتبه ، قوبلت بما أملى ، فلم يختلف إلا في مواضع يسيرة .

                                                                                      عن أحمد بن محمود بن صبيح : سمعت أبا مسعود الرازي يقول : وددت أني أقتل في حب أبي بكر وعمر .

                                                                                      قال أبو بكر الخطيب : كان أبو مسعود أحد الحفاظ ، سافر الكثير ، وجمع في الرحلة بين البصرة والكوفة ، والحجاز ، واليمن ، والشام ، ومصر والجزيرة . وقدم بغداد ، وذاكر حفاظها بحضرة أحمد بن حنبل ، وكان أحمد يقدمه .

                                                                                      قال أبو أحمد بن عدي : لا أعلم لأبي مسعود الرازي رواية منكرة ، وهو من أهل الصدق والحفظ . [ ص: 485 ]

                                                                                      قال أبو عمران الطرسوسي : سمعت أبا بكر الأثرم يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما تحت أديم السماء أحفظ لأخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبي مسعود الرازي .

                                                                                      قال أبو الشيخ سمعت ابن الأصفر يقول : جالست أحمد ، وأثنى على ابن أبي شيبة ، وذكر عدة ، قال : فما رأيت رجلا أحفظ لما ليس عنده من أبي مسعود .

                                                                                      ونقل القاضي أبو الحسين بن الفراء في " طبقات أصحاب الإمام أحمد " في ترجمة أبي مسعود ، أنه نقل عن أحمد بن حنبل أنه قال : من دل على صاحب رأي لنفسه ، فقد أعان على هدم الإسلام .

                                                                                      وعن أبي مسعود الرازي قال : كتبت الحديث وأنا ابن اثنتي عشرة سنة .

                                                                                      قلت : بكر بطلب العلم لأن أباه من أهل الحديث أيضا وقيل : لم يلحق الأخذ عن أبيه .

                                                                                      وعن أبي مسعود قال : ذكرت بالحفظ ، ولي ثمان عشرة سنة . وسميت : الرويزي الحافظ .

                                                                                      قال أحمد بن علي بن الجارود الحافظ : سمعت إبراهيم بن أورمة الحافظ يقول : ما بقي أحد مثل أبي مسعود الرازي ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومحمد بن عبد الله المخرمي ، [ ص: 486 ] وقد سئل الحافظ أبو بكر الأعين : أيما أحفظ ، أبو مسعود الرازي ، أو سليمان الشاذكوني ؟ فقال : أما المسند فأبو مسعود ، وأما المنقطع فالشاذكوني .

                                                                                      ومما ألف أبو مسعود كتاب " الأحاديث الأفراد " ، روته كريمة القرشية بالإجازة .

                                                                                      وقد توفي في شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وقد قارب الثمانين رحمه الله .

                                                                                      ومات معه في العام الحافظ أحمد بن سنان القطان ، محدث واسط ، ومحمد بن سنجر الجرجاني صاحب " المسند " ببلاد مصر ، ومحمد بن يحيى الذهلي الحافظ عالم خراسان ، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه الحافظ ببغداد ، والمحدث أحمد بن بديل الكوفي قاضي همذان ، وأحمد بن حفص السلمي محدث نيسابور ، وأحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، والمحدث هارون بن إسحاق الهمداني الكوفي ، والثقة عبدة بن عبد الله الصفار ، ومحمد بن إسماعيل الحساني ، والمحدث حفص بن عمرو الربالي ، والعباس بن يزيد البحراني المحدث ، ويحيى بن معاذ الرازي شيخ الصوفية ، ومحمد بن عمر بن أبي مذعور المحدث ، وأبو عبيدة بن أبي السفر الكوفي ، والقاضي الكبير جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، [ ص: 487 ] وعلي بن حرب الجند يسابوري ، والفضل بن يعقوب الرخامي الحافظ ، والمحدث علي بن محمد بن أبي الخصيب ، والمحدث إسماعيل بن أبي الحارث ، وأحمد بن عمر حمدان البزاز ، وآخرون .

                                                                                      نعم وغسل ابن الفرات رفيقه محمد بن عاصم الثقفي العابد صاحب ذلك الجزء العالي .

                                                                                      وفي آخر نسخة ابن الفرات مما وقع زائدا عند يحيى الثقفي : قال أبو محمد بن فارس : سمعت من أبي مسعود سنة أربع وخمسين ومائتين قال : وتوفي سنة ست وخمسين ، كذا قال ، وسنة ثمان أصح ، وما ذكر الحافظ ابن عساكر سواه .

                                                                                      قال أبو نعيم الحافظ : أبو مسعود أحد الأئمة والحفاظ ، صنف " المسند " والكتب ، وحدث بأصبهان خمسا وأربعين سنة ، وكان قدم أصبهان ، قبل أن يرتحل إلى العراق في أيام الحسين بن حفص .

                                                                                      قلت : إنما ارتحل أولا إلى العراق قبل المائتين ، ولحق عبد الله بن نمير وطبقته .

                                                                                      قال ابن عدي في " الكامل " : سمعت أحمد بن محمد بن سعيد ، سمعت ابن خراش يحلف بالله إن أحمد بن الفرات يكذب متعمدا . فقال ابن عدي : وهذا تحامل ولا أعلم له رواية منكرة .

                                                                                      قلت : من الذي يصدق ابن خراش ذاك الرافضي في قوله؟! . [ ص: 488 ]

                                                                                      قال أبو صالح الجلاب : بلغني أن أحمد بن حنبل كتب عن أبي مسعود حديث عبد الرحمن بن قيس ، عن حماد بن سلمة " حديث العتيرة " .

                                                                                      قال أبو نعيم : توفي في شعبان سنة 258 ، وغسله محمد بن عاصم الثقفي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية