الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الحاجب

                                                                                      الشيخ الإمام العلامة المقرئ الأصولي الفقيه النحوي جمال الأئمة [ ص: 265 ] والملة والدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي الدويني الأصل الإسنائي المولد المالكي ، صاحب التصانيف .

                                                                                      ولد سنة سبعين وخمسمائة أو سنة إحدى - هو يشك - بإسنا من بلاد الصعيد ، وكان أبوه حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحي .

                                                                                      اشتغل أبو عمرو بالقاهرة ، وحفظ القرآن ، وأخذ بعض القراءات عن الشاطبي ، وسمع منه " التيسير " ، وقرأ بطرق " المبهج " على الشهاب الغزنوي ، وتلا بالسبع على أبي الجود ، وسمع من أبي القاسم البوصيري ، وإسماعيل بن ياسين ، وبهاء الدين القاسم بن عساكر ، وفاطمة بنت سعد الخير ، وطائفة ، وتفقه على أبي المنصور الأبياري وغيره .

                                                                                      وكان من أذكياء العالم ، رأسا في العربية وعلم النظر ، درس بجامع دمشق ، وبالنورية المالكية ، وتخرج به الأصحاب ، وسارت بمصنفاته الركبان ، وخالف النحاة في مسائل دقيقه ، وأورد عليهم إشكالات مفحمة .

                                                                                      قال أبو الفتح بن الحاجب في ترجمة أبي عمرو بن الحاجب : هو [ ص: 266 ] فقيه ، مفت ، مناظر ، مبرز في عدة علوم ، متبحر ، مع دين وورع وتواضع واحتمال واطراح للتكلف .

                                                                                      قلت : ثم نزح عن دمشق هو والشيخ عز الدين بن عبد السلام عندما أعطى صاحبها بلد الشقيف للفرنج ، فدخل مصر وتصدر بالفاضلية .

                                                                                      قال ابن خلكان كان من أحسن خلق الله ذهنا ، جاءني مرارا لأداء شهادات ، وسألته عن مواضع من العربية ، فأجاب أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبت تام ، ثم انتقل إلى الإسكندرية ، فلم تطل مدته هناك ، وبها توفي في السادس والعشرين من شوال سنة ست وأربعين وستمائة .

                                                                                      قلت : تلا عليه بالسبع شيخنا الموفق بن أبي العلاء . وحدث عنه المنذري ، والدمياطي ، وأبو محمد الجزائري ، وأبو إسحاق الفاضلي ، وأبو علي بن الخلال ، وأبو الحسن بن البقال ، وجماعة . وأخذ عنه العربية جماعة ، منهم شيخنا رضي الدين القسرطيني ، وقد رزقت كتبه القبول التام لجزالتها وحسنها . وممن روى عنه ياقوت الحموي فقال : حدثني عثمان بن عمر النحوي المالكي ، حدثنا علي بن المفضل ، حدثنا السلفي ، أن النسبة إلى دوين دبيلي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية