الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من كفر فعليه كفره .. ولا أثر لذلك على الأولاد

السؤال

والدي مسلم وأمي مسيحية، وأمي لم تقبل الإسلام فما أثر ذلك علي؟ وهل يقر الإسلام زواج أبي من أمي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد أحل الله للمسلم الزواج بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية ، قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم)[المائدة:5] فإن كانت الكتابية غير عفيفة فلا يحل نكاحها ، ولذلك كان عمر رضي الله عنه يمنع من ذلك، ونهى الصحابة عنه.
والأولى للمسلم أن يتزوج بمسلمة لعدة أمور منها:
-أن المسلمة تربي أولاده على الإسلام ، وليس هناك خلاف بينهما لا شتراكهما في دين واحد ، فلا يضر بقاء الأولاد معها في حال المفارقة بموت أو طلاق.
-أن المسلم لا يأمن على أولاده من الكتابية فينشئوا متأثرين بعقيدتها ، وسلوكها ، وقد وصفهم الله بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه)[البقرة:221].
-أن الغالب على النساء الكتابيات تركهن للدين الذي ينتسبن إليه واعتناقهن الإلحاد ، ويغلب عليهن أيضاً عدم العفة، وهو شرط معتبر في جواز نكاحهن ، ومع ذلك فإن حصل الوثوق بعفة الكتابية ، وبقائها على دينها ، فإن الأصل جواز نكاحها.
أما الأولاد فإنهم يلحقون بدين أبيهم لأنه هو الدين الحق الذي لا يقبل الله غيره، قال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)[آل عمران: 85] ولا نجاة لهم إلا بذلك ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" ومن كان منكم مؤمناً صالحاً فلا يضره كون أمه غير مسلمة ، لأن الله جل وعلا يقول: (كل امرئ بما كسب رهين) [الطور:21] ويقول : (ولا تزر وازرة وزر أخرى)[الأنعام:164] وعليكم ببر أمكم، فكونها كافرة لا يسقط حقها في البر ما لم تدع إلى معصية الله. قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) [لقمان:15] ، كما ينبغي دلالتها على الخير ودعوتها إلى الإسلام، لأنها إن ماتت على ما ماتت عليه فإنها من أصحاب النار ، ولا ينفعها كون زوجها مسلماً ، فقد أخبر الله عن امرأة نوح وامرأة لوط أنهما من أصحاب النار ، ولم يشفع لهما كونهما زوجتين لنبيين من أنبياء الله؛ ذلك أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، كما سبق في الحديث.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني