الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوكل ومنزلته من الدين والإيمان.

السؤال

كيف أتوكل على الله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالتوكل على الله من أعظم المنازل والمقامات عند الله تعالى بل هو علامة الإيمان، قال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23].
وقال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمران:122].
ومن توكل على الله تعالى كفاه وهداه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3].
وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالتوكل، فقال: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [النمل:79].
وقال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً [الأحزاب:3].
وثبت في الصحيحين من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما وفيه: ...ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب. ثم دخل ولم يبين لهم، فأفاض القوم وقالوا: نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله فنحن هم أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج فقال: هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون.
وفي الترمذي من حديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً.
وفي السنن الأربع من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال -يعني إذا خرج من بيته- بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يقال له: هديت ووقيت وكفيت، فيقول الشيطان لشيطان آخر، كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي.
قال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين: التوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة، ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها، ولا تزال معمورة بالنازلين لسعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين، وعموم التوكل.
ثم بين العلامة ابن القيم أحوال المتوكلين فقال: فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان ونصرة دينه وإعلاء كلمته وجهاد أعدائه وفي محابه وتنفيذ أوامره، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في استقامة في نفسه، وحفظ حاله مع الله فارغاً عن الناس، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في معلوم يناله من الرزق أو عافية أو نصر على عدو أو زوجة أو ولد ونحو ذلك، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في حصول الإثم والفواحش.
ومن صدق توكله على الله في حصول شيء ناله.. فإن كان هذا الشيء محبوباً مرضياً عند الله كان للعبد فيه العاقبة المحمودة، وإن كان هذا الشيء مسخوطاً مبغوضاً عند الله كان للعبد فيه المضرة والخسارة.
والتوكل كما قال العلامة ابن القيم: هو عمل القلب، فليس بقول اللسان ولا عمل الجوارح، ولا هو من باب العلوم والإدراكات.
واعلم أخي أن طريق التوكل هو الاعتماد على الله، وعلم القلب بكفايته سبحانه لعبادة، مع التسليم والرضى والثقة بالله، والطمأنينة إليه سبحانه، وتعلق القلب به في كل حال، والبراءة من الحول والقوة إلا به. ولا ينافي هذا كله الأخذ بالأسباب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني