الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيرة على الأهل وأمرهن بالستر من الإيمان

السؤال

رجل مسلم له بنات في سن الزواج ولم يأمرهن (هو يصلي و يصوم و يذكر الله) بالحجاب هم يلبسون ملابس ليست خليعة ولكن علي سبيل المثال لا يغطين شعورهن. فما رأيكم أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإن المطلوب من المسلم ليس محصوراً في إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، بل هو أوسع من ‏ذلك وأشمل. ‏
فالإنسان إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، ‏وصام رمضان، وحج البيت، فلا شك أنه أتى بأركان الإسلام الأساسية، ولكن لا يعني ‏ذلك أنه أتى بكل شيء، بل هناك أوامر يجب على الإنسان امتثالها، ونواهي يحرم عليه ‏انتهاكها، فمن أولويات واجبات المسلم أن يقي نفسه وأهله جميع ما يجر إلى سخط الله ‏تعالى، قال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ ‏وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ‏‏[التحريم:6].‏
ولا شك أن كشف الرأس وإظهار الشعر بالنسبة للمرأة يعتبر من أسوأ أنواع التبرج، ‏وهو من الأمور التي نهى الله تعالى ورسوله عنها، والرضى بذلك مسقط لشهادة الرجل، ‏ومؤذن بفقد رجولته، وقلة مروءته، وتخل عن مسئوليته التي أنيطت به، كما قال صلى الله ‏عليه وسلم: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته…." متفق عليه. ‏
والواجب إذن على كل من له بنات، أو زوجات، أو أخوات، أو غيرهن ممن له عليهن ‏أمر أن يأمرهن بالحجاب والستر الكامل، امتثالاً لأوامر الله تعالى، وحفظاً لشرفهن، ‏وصيانة لعفتهن، ويا عجبا كيف يرضى من له قلب حي أن تخرج بنته، أو زوجته ‏عارضة مفاتنها للأجانب تهمزها أعينهم، وتلوكها أفواههم؟!! وكيف تنعدم الغيرة من ‏هذا المسكين على ألصق الناس به وأقربهم منه؟!! وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله ‏عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وإن غيرة الله ‏أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه". ‏
فالغيرة من أخلاق المؤمن وصفاته، ونقيضها هوالدياثة، وهي خلق مذموم طبعاً ومحرم ‏شرعاً، ففي النسائي وأحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة ‏المترجلة، والديوث". ‏
والديوث: هو الذي لا يغار على محارمه إذا اختلطن بالرجال. ‏
فعلى هذا الرجل أن يتقي الله في نفسه وفي أهله، وأن يأمر بناته بالستر والاحتشام، استجابة لأمر المولى جل جلاله في قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الأحزاب:59].
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني