الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلب مندوب المشتريات لعمولة يأخذها لنفسه

السؤال

أرغب في الحصول على إفادة عن الموضوع التالي الذي نواجهه في شركتنا التجارية: اعتادت الإدارة على إعطاء نوعين من الخصومات, وذلك لمجموعه كبيرة من عمليات البيع، الخصم الأول يكون واضح على الفاتورة, أما الخصم الآخر فيكون عبارة عن عمولة للمندوب الذي يعمل لدى العميل والذي كان له الدور الأول في إرساء عملية البيع على الشركة, ولا تكون واضحه على الفاتورة، غير أني أرغب بتوضيح التالي حتى تتضح الصورة كاملة و لتكون الفتوى بعد معرفة الحال:
1-الخصم الثاني (خصم الموظف) لا يتم التعامل به عادة, إلا في حالة طلب الموظف لهذا الخصم، علما بأنه في حالة عدم القيام بذلك, فان الموظف لن يقوم بإرساء العطاء علينا.
2- نحن لدينا أسعار ثابته, ولا نقوم بتغييرها أبداً. ونسبة الخصم ثابته, غير أن المفاوضات مع المندوب تحدد تقسيمة نسبة الخصم. وذلك بخلاف الدارج بالسوق والذي يعتبر أسوأ بكثير, حيث إن الدارج هو أن يقوم صاحب العمل برفع الأسعار على العميل (وحسب طلب المندوب) وذلك من أجل تضخيم مبلغ العمولة للمندوب.
3- للأسف أن كثيرا من مندوبي الشركات يطالبون بهذه الخصومات والعمولات, وهم على استعداد للتعامل مع المنافسين ولو كانت الأسعار أكثر بكثير, ما دام أن طلبهم مقبول لدى المنافس.
4- حسب تجربة بعض رجال الأعمال الآخرين, وحسب تجربتنا, فإننا نتوقع انخفاض المبيعات السنوية بنسبة 50% في حالة منعنا لهذا النوع من العمولات. وأذكر مثالا للتوضيح في حالة الرغبة: عميل لدي طلب بقيمة 100 ريال, ولدينا قاعدة بإعطاء العملاء المميزين 20% خصم. طلب المندوب أن يكون الخصم داخل الفاتورة 10% وخارج الفاتورة 10%. بمعنى أن تكون قيمة الفاتورة 90 ريال, وهو المبلغ الذي ستلزم شركة العميل بدفعه. وعند استلامنا للمبلغ, نقوم بدفع مبلغ 10 ريال المتبقية لمندوب الشركة. في حالة رفضنا لطلب المندوب, فلدى المندوب الخيار بالتعامل مع أحد المنافسين أو المكاتب الوهمية التي لا مانع لديها من إرضائه بأي طريقة, وسيكون الخيار إما:
1) عمل ما طلبه
2) وضع أسعار عالية كأسعار بيع, وبالتالي تحصيل ربح جيد لهذا المكتب وللمندوب وذلك بموجب تسعيرات سليمة رسيمة لا تشوبها شائبه. نرجو الإفادة بالفتوى الشرعية ولكم وافر الشكر والتقدير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمندوب المشتريات ونحوه يعتبر وكيلاً عمن أرسله للشراء ويجب عليه أن يعمل ويسعى لمصلحة موكله، فيماكس من أجل الحصول على أقل الأسعار وأجود البضاعة وهو يأخذ على ذلك أجراً من موكله، ولا يجوز له أن يأخذ عمولة من البائع لنفسه ولا أن يكتب في الفواتير سعراً غير ما اشترى به، وليس للبائع التعاون معه على ذلك وكتابة سعر أعلى مما اشترى المندوب به ليحصل المندوب على فارق السعر فكل ذلك من الغش والتعاون على الإثم المحرم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1356.

وبناء عليه؛ فلا يجوز لكم فعل ذلك ولو جرت به عادة السوق.

والعرف إن صادم أمر الباري * وجب أن ينبذ بالبراي

كما قال اليعقوبي.

وعليه؛ فلا يجوز لكم فعل ذلك الأمر، وليس من حق المندوب أن يطالبكم بشيء، من هدية أو عمولة أو غيرها، ولو كان ذلك غير مسجل في الفاتورة، وفي الحديث: هدايا العمال غلول. رواه أحمد. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل كان عاملاً على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه.... رواه البخاري ومسلم.

فعلى الشركات والمندوبين أن يتقوا الله ويتوبوا إليه من هذا الباطل أخذاً وإعطاء وإعانة، قال تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2}، وإذا كان فيما ذكرتم ربح دنيوي ففيه خسارة دينية، وشتان ما بين الخسارتين. ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني