الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفصيل في حكم الختان للذكور والإناث

السؤال

أريد فتوى مفصلة في موضوع ختان البنات -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد قال صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب. متفق عليه. والفطرة في الحديث فسرها أكثر العلماء بالسنة، قال النووي -رحمه الله-: تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب. والسنة هنا هي الطريقة المتبعة، وقد اختتن إبراهيم -عليه السلام-، وهو ابن ثمانين سنة، كما ثبت ذلك في حديث متفق عليه، وقال تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {النحل:123}.

وقد اختلف الأئمة -رحمهم الله- في حكمه بعد اتفاقهم على مشروعيته، فقال الشعبي، وربيعة، والأوزاعي، ويحيى بن سعيد، ومالك، والشافعي، وأحمد، هو واجب، وشدد فيه مالك؛ حتى قال: من لم يختتن، لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة؛ حتى قال القاضي عياض: الاختتان عند مالك، وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم، يأثم تاركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.

وقال أبو حنيفة، والحسن: لا يجب، بل هو سنة، ففي شرح المختار للموصلي، قال: إن الختان سنة للرجال، وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة، فلو اجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان، قاتلهم الإمام؛ لأنه من شعائر الإسلام، وخصائصه. اهـ. وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فأما الختان، فواجب على الرجال، ومكرمة في حق النساء، وليس بواجب عليهن. وفي رواية أخرى عنه - أي أحمد- أنه واجب على الرجال والنساء.

والختان لو لم يكن واجبًا في حق الرجال؛ لما جاز كشف العورة للكبير؛ ليقوم به، ولما اختتن إبراهيم -عليه السلام- وهو ابن ثمانين سنة.

وقد استدل الفقهاء على ختان النساء، بحديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تنهكي، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل". رواه أبو داود. وجاء ذلك مفصلًا في رواية أخرى، تقول: إنه عندما هاجر النساء، كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجواري، فلما زارها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لها: يا أم حبيبة، هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ فقالت نعم، يا رسول الله، إلا أن يكون حرامًا، فتنهانا عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل هو حلال". وقال صلى الله عليه وسلم: يا نساء الأنصار، اختفضن (اختتن)، ولا تنهكن أي: لا تبالغن في الخفاض. رواه البيهقي في شعب الإيمان.

وجاء التعليل لهذا بأنه أحظى للزوج، وأنضر للوجه، وهو لضبط ميزان الحسّ الجنسي عند الفتاة.

ويجب التنبه إلى أن الأحاديث الدالة على الأمر بختان النساء، ومنها ما قدمناه، مختلف في تصحيحها، ولكن ذلك لا يعني نفي استحبابه، فهو داخل في الختان، وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه من الفطرة، وما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل. فيه دليل على أن النساء كن يختتن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفائدة الختان للرجال معلومة؛ إذ هو عند الرجال إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة؛ حتى تنكشف الحشفة كلها؛ ولهذا فوائد صحية عظيمة، ويكفي أنه اتباع لأمر النبي صلى الله عليه، واتباع لسنة إبراهيم -عليه السلام-.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني