الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تضعيف ابن القيم لأحاديث الأقطاب والأوتاد والأبدال

السؤال

يا شيخ توقفت على حديث في كتاب ابن القيم المنار المنيف 1 / 144 وفيه تناقض في كلام ابن القيم فنص هذا الحديث هو، وروى أبو داود من حديث صالح بن أبي مريم أبي الخليل الضبعي عن صاحب له عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون وفي رواية فيلبث تسع سنين. ورواه الإمام أحمد باللفظين ورواه أبو داود من وجه آخر عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة نحوه ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له وربما قال صالح عن مجاهد عن أم سلمة والحديث حسن ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح فهنا ابن القيم صحح هذا الحديث ونعلم أن فيه انقطاعا أضف إلى ذلك أن ابن القيم يقول في موضع آخر : " ذكره الإمام أحمد ولا يصح أيضاً فإنه منقطع " المنار المنيف ص136وقال : " إن أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد ، كلها باطلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " المنار المنيف ص136 . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " .... كل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة الأولياء والأبدال والنقباء والنجباء والأوتاد والأقطاب مثل أربعة أو سبعة أو اثني عشر أو أربعين أو سبعين أو ثلاثمائة وثلاثة عشر، أو القطب الواحد ، فليس في ذلك شيء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينطق السلف بشيء من هذه الألفاظ إلا بلفظ الأبدال ، وروي فيهم حديث أنهم أربعون رجلاً وأنهم بالشام وهو في المسند من حديث علي رضي الله عنه ، وهو حديث منقطع ليس بثابت " مجموع الفتاوى 11/167 . فكيف يا شيخ هناك يحسنه ونرى كلاما متناقضا له في تضعيف كل ما روي بلفظ الأبدال ، هل يفرق ابن القيم فيما هو فيه عدد للأبدال وفيما هو ليس فيه عدد أرجوا بيان الصحيح.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكلام ابن القيم في المنار المنيف ليس فيه تناقض في التصحيح والتضعيف لمن تأمله، فإنه ـ رحمه الله ـ ضعف أحاديث الأبدال والأقطاب والأوتاد عموما. وأما تصحيحه لحديث أم سلمة فلا يتعارض مع ذلك لأنه ليس في محل النزاع أصلاً، فلم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه صفتهم ولا عددهم وإنما ذكر لفظة مجملة (أبدال الشام) ولم يبين صلى الله عليه وسلم المقصود منها. والظاهر أن معناها أهل العلم لأنهم أبدال الأنبياء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما أهل العلم فكانوا يقولون هم ـ يعني العلماء ـ الأبدال لأنهم أبدال الأنبياء وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه، هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعاً. اهـ. بتصريف يسير. وعلى هذا التوجيه لا يتعارض كلام ابن القيم مع كلام شيخ الإسلام.

وننبه السائل إلى أن حديث أم سلمة ضعيف لأن مداره على مجهول يرويه عنه أبو الخليل الضبعي، وقد ضعفه الألباني في الجامع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني