الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

(سوء الظن من الحزم) ليس حديثا بل هو من كلام العرب

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى عليه وعلى آله وأزواجه وذريته وصحبه أجمعين ونحن معهم اللهم آمين. أما بعد فجزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين من خدمات فنسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد في الأمر كله آمين أسئلتي هي كالتالي: 1.هل قال بعض العلماء \"إساءة الظن من الحزم\"؟ فإن كان هذا القول صحيحا فما هو معناه ؟وكيف نطبقه في الواقع؟ وإن كان خطأ فما هو الصواب في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيرا ونسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنك.

وبخصوص سؤالك فقد ورد في بعض الآثار سوء الظن من الحزم.

قال العجلوني في كشف الخفاء: احترسوا من الناس بسوء الظن. قال في الأصل: رواه أحمد في الزهد والبيهقي وغيرهما من قول مطرف بن الشخير أحد التابعين. زاد البيهقي وكذا الطبراني في الأوسط والسكري أنه روي عن أنس مرفوعا وأخرجه تمام في فوائده عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه بلفظ: من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته. رواه الديلمي عن علي من قوله موقوفا عليه الحزم سوء الظن.

ثم عقب العجلوني على ذلك بقوله وجميع طرقه ضعيفة يتقوى بعضها ببعض.

وقال عنه الألباني في السلسلة: ضعيف جدا.

ونسبه البيهقي في الشعب لكلام العرب قديما قال: كانت العرب تقول: العقل التجارب والحزم سوء الظن .

وهو مما جاء في وصية علي للحسن رضي الله عنهما كما في كنز العمال. قال: ولا يغلبن عليك سوء الظن فإنه لن يدع بينك وبين خليلك ملجأ، وقد يقال: سوء الظن من الحزم.

وما دام العلماء قد حكموا بعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يصح أن ينسب إليه صلى الله عليه وسلم، بل يقال هو من كلام العرب كما قال البيهقي وغيره.

وعلى كل حال، فهذا المعنى ليس على إطلاقه لورود النهي في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن سوء الظن بالمؤمن.

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}

ورى الطبراني عند تفسيره عند هذه الآية، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى الله المؤمن أن يظن بالمؤمن شرا، ثم قال إن ظن المؤمن الشر لا الخير إثم لأن الله تعالى نهاه عنه.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث. متفق عليه.

وروى ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في الشعب وصححه الألباني في السلسلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى الكعبة فقال: ما أعظم حرمتك وما أعظم حقك، والمسلم أعظم حرمة منك، حرم الله ماله وحرم دمه وحرم عرضه وأذاه وأن يظن به ظن سوء. وسوء الظن بالمسلم يدعو إلى الخوف وتوجس الشر منه، وبالتالي التجسس والتحسس وما يترتب على ذلك من التقاطع والتدابر وفساد القلوب، وكلها أخلاق ذميمة نهى عنها الشارع الحكيم، وطيب القلوب وسلامة الصدور وستر العيوب وتجاهلها والتغافل عنها من شيم فضلاء المسلمين مع إخوانهم.

قال الغزالي في الإحياء: فكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساوئ أخيك يجب عليك السكوت بقلبك وذلك بترك إساءة الظن به، فسوء الظن غيبة بالقلب ولا تحمل فعله على وجه فاسد ما أمكنك أن تحمله على وجه حسن، وتحمل ما تشاهده من سيء على سهو أو نسيان.

ويجب أن يعلم أنه لا منافاة بين كون الشخص يأخذ الاحتياطات اللازمة لأمنه وبين كونه حسن الظن بالناس، فحسن الظن بهم لا يعني أن تفرط في نفسك أو مالك، وهذا منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، نسأل الله تعالى أن يهدي الجميع إلى طريقه المستقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني