الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول خالد: رب مصل لا خير فيه

السؤال

ما معنى قول سعيد بن المسيب: ربما مصل ليس فيه خير؟ وأنا أريد الهجرة إلى بلد إسلامي لكن أبي لا يوافق إلا إذا كان رسميا، وكثير من البلاد الإسلامية لا يقبلون مهاجرين، خاصة بلاد الحرمين التي أهتم بها أكثر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الأثر لم نقف على من خرجه من قول سعيد بن المسيب، وإنما رواه الطبراني في المعجم الصغير ـ وعنه أبو نعيم في الحلية وابن العديم في تاريخ حلب ـ والبيهقي في شعب الإيمان، وقوام السنة في الترغيب والترهيب، والرافعي في أخبار قزوين، كلهم من طريق حكيم بن نافع ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب مرفوعا، بلفظ: "أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة، ورب مصل لا خير فيه ".
قال الطبراني ثم البيهقي : تفرد حكيم بن نافع بإسناده هذا. اهـ.
وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد): فيه حكيم بن نافع، وثقه ابن معين وضعفه أبو زرعة، وبقية رجاله ثقات. اهـ. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة.
وقال العجلوني في (كشف الخفاء): ورواه الحكيم الترمذي عن زيد بن ثابت بلفظ: "إن أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة، ورب مصل لا خلاق له عند الله تعالى ". اهـ.
وهذا حسنه الألباني في صحيح الجامع.
وله شاهد موقوف رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود ، بلفظ: "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة، وسيصلي قوم ولا دين لهم ".
وأما معنى الأثر فقال المناوي في (فيض القدير): "ورب مصل" آت بصورة الصلاة "لا خلاق له عند الله" أي لا نصيب له عنده من قبولها والإثابة عليها. وفي رواية: "ورب مصل لا خير فيه" أي لكونه غافلا لاهي القلب، وليس للمرء من صلاته إلا ما عقل، كما في حديث آخر، وقد قال تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} فظاهر الأمر الوجوب، والغفلة ضده، فمن غفل في جميع صلاته لا يكون مقيما للصلاة لذكره تعالى، فلا خلاق له عنده . اهـ.
فصاحب الصلاة إن كان يؤديها ببدنه دون أن يعقل منها شيئا، ودون أن تزيد الإيمان في قلبه، فيمنعه ذلك من ارتكاب الكبائر، فإن صلاته هذه لا تجعله من أهل الخير، ولا تحول بينه وبين عذاب الآخرة، وقد تزيده من الله بعدا، كما قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر، لم يزدد من الله إلا بعدا. رواه أحمد في الزهد والطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب، وصحح إسناده الحافظ العراقي في تخريج الإحياء. ومثال ذلك ذو الخويصرة التميمي ، رأس الخوارج الذي اعترض على قسمة النبي صلى الله عليه وسلم للغنائم، قال ابن قدامة في (المغني): رُوي في خبر الخارجي الذي أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم أن خالدا قال: يا رسول الله؛ ألا أضرب عنقه؟ قال: "لعله يصلي". قال: رب مصل لا خير فيه. قال: "إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ". اهـ.
وهذا الحديث في الصحيحين بلفظ: قال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم ".
وأما حكم الهجرة دون إذن الوالد، فراجع فيه الفتوى رقم: 60418.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني