الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا طاعة للوالدين فيما فيه ضرر على الابن

السؤال

لي قصة أريد النصيحة فيها: أنا من سوريا، وبسبب الأحداث الجارية، أخرجت من بيتي منذ أربعة أعوام، وأقمت أنا وعائلتي عند أمي مدة سبعة أشهر، وبدأت أمي تتأفف، وبأسلوبها، أخرجتنا من المنزل، وأنا ليس لي مأوى. سافرت لمحافظة أخرى، وكنت كل أسبوع أسافر لأطمئن على أمي، وأقضي معها بعض الوقت، وكانت ظروفي المادية ضيقة، وكان السفر كل أسبوع مكلفا؛ فعدت لمحافظتي، ولم تستقبلني أمي عندها، وبفضل الله، ثم أهل الخير، حصلت على سكن مؤقت، مكثت فيه عدة شهور، وكانت أمي تطلب مني يوميا زيارتها مع عائلتي، وبعد فترة تعرض سكني للدمار، وذهبت إلى أمي مرة ثانية ولمدة أسبوع، واستطعت أن أجد مسكنا آخر، ومكثت فيه مع عائلتي مدة سنة، ولكن وضع المدينة أصبح خطيرا جدا، وعانى أولادي من حالات رعب، وذعر شديد، وبت خائفا عليهم. طلبت من أمي أن تغادر المدينة معنا، ظلت تماطل بحجة المنزل، وبعدها رفضت السفر، وطلبت مني أن أسافر مع عائلتي بإلحاح.
وبعد أن غادرت البلد لبد مجاور، أحاول الاتصال بوالدتي، وهي تحاول التهرب من مكالمتي، أو الكلام معي بجفاء.
ماذا أفعل هل أنا عاق لها؟ مع العلم أن أمي مقتدرة ماديا، ولها إخوة يستطيعون تأمين حاجاتها، وطيلة الوقت توجد مشاكل مع زوجتي،
وأنا لا أستطيع الرجوع بسبب خوف أطفالي، والوضع المادي.
فما هو التصرف الصحيح الذي يجب أن أفعله، وقد طلبت أمي مني الرجوع، ولكن أيضا ليس في بيتها وأنا لا أملك منزلا؟
أتمنى أن أكون قد أوضحت لكم الموضوع.
أفيدوني، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فلا تلزمك طاعة أمّك في الرجوع إلى البلد الذي تسكن فيه؛ لأنّ عليك ضرراً في إجابة طلبها، وطاعة الوالدين لا تجب فيما يضر الولد.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ، وَجَبَ، وَإِلَّا، فَلَا. الفتاوى الكبرى.

لكن عليك برّها، والإحسان إليها بما تقدر عليه من غير ضرر، فإنّ حقّ الأمّ على ولدها عظيم، وبرّها من أفضل الأعمال الصالحة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني