الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غير سعيد مع زوجته ويرغب بتزوج أخرى والقانون يمنع

السؤال

جزاكم الله تعالى خيراً، أرجو أن تساعدوني.
أنا متزوج منذ عشرين سنة، وعندي أطفال، أنا في بداية الخمسينات. أرى أن زوجتي ناشز (هي لا ترى ذلك) عانيت الكثير منها، وصبرت عليها كثيراً، وعندنا مشاكل كثيرة، ولا يوجد تفاهم بيننا. هذه المشاكل بدأت منذ حوالي 12 سنة، وهي تقول: هكذا هي الحياة، ويجب علي أن أقبل بالوضع، وأن أغلب العائلات عندها هذه المشاكل، والحل هو تقبل الواقع فقط! لكني أرى العكس، لا يجب أن تكون الحياة هكذا، وغير مستعد أن أستمر معها. هي جميلة، وتحبني جدا، تحبني من أجلها (حب من جانب واحد؛ لأني فارس أحلامها، بل حلمها الذي لا تريد أن تستفيق منه) لأنني أسعدها من كل النواحي، ولا أقصر معها (كما أرى) وهي تعرف ذلك جيداً (وتريد المزيد) حيث تسمع معاناة النساء من عدة نواحي، خاصة من ناحية الواجبات الزوجية! مشكلتها أنها لا ترى معاناتي، وهي أنانية، تفكر في نفسها فقط، وأحس أنها تستغلني، بل تعصرني، وتتجاهل شعوري، ولا تسعى إلى إسعادي، كما كنت أنا أجتهد في إسعادها (لا أستطيع الاستمرار كما كنت أفعل سابقاً) لذا أنا لا أستفيد من حبها لي، بل هي المستفيدة (الحب هو أن تحب، وتسعد من تحب ليحبك). أحس بأني خسرت شبابي، وكنت أسير في الطريق الخاطئ. أخيرا فكرت في الزواج من ثانية، وهي ترفض هذه الفكرة بشدة وشراسة، تريدني لنفسها فقط، إنها أنانية، وهي ترفض الطلاق بشدة أيضا، وأنا أيضا أخشى الطلاق بسبب الأطفال. قوانين البلد هنا تمنع التعدد، وإني أحس أني بحاجة إلى شريكة حياة أخرى، وبحاجة إلى الحب والحنان اللذين افتقدتها في طفولتي، وفي شبابي، والآن بحاجة أشد إلى الاستقرار النفسي، وأخشى الوقوع في المعاصي.
مؤخراً تعرفت على فتاة؛ رغبة مني في أن أعف نفسي، وأعوض ما أفتقده، ولكن الأمر صعب جداً، حيث كل الأبواب مغلقة في طريق التعدد اقتصاديا، اجتماعيا، قانونياً، وفي نفس الوقت الأبواب مفتوحة في طريق الحرام، وإني أخشى أن أعصي الله، وإني في حيرة في أمري، وأعلم بأني لم أعد شاباً!؟ فقدت طعم الحياة، أصبحت لا أستطيع التركيز، فأنا مكتئب، تائه، وخائب.
ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الشرع الحكيم قد جعل القوامة للزوج على زوجته، ومقتضى هذه القوامة أن تطيع الزوجة زوجها في المعروف، وهو هنا ما يتعلق بأمور الحياة الزوجية، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 64358.

ونشوز الزوجة هو: خروجها عن طاعته فيما يجب عليها أن تطيعه فيه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 161663، ورقم: 292666.

وإذا حصل النشوز، فإن الشرع قد جعل الحق للزوج في تأديب زوجته في خطوات جاء بها القرآن الكريم، وقد بيناها في الفتوى رقم: 1103.

فإن كانت زوجتك ناشزا، فاعمل على تأديبها على الوجه المذكور، فإن رجعت إلى صوابها، فذاك، وإلا فانتدب العقلاء من أهلك وأهلها، كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.

وإن لم يزل الإشكال، فالطلاق نوع من الحل، ولكنه قد لا يكون الأفضل دائما. فإن تيسر الزواج من ثانية، كان أولى، فمن لم تعفه زوجته الأولى، يؤمر بالزواج من ثانية، أو أكثر، إلى أربعة حتى يتحقق المقصود.

قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: إذا كان الإنسان يرى من نفسه أن الواحدة لا تكفيه، ولا تعفه، فإننا نأمره بأن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، حتى يحصل له الطمأنينة، وغض البصر، وراحة النفس. اهـ.

وإذا لم يتيسر الزواج من ثانية، فينبغي الصبر والسعي في الإصلاح، مع كثرة الدعاء بأن يصلح الله حال الزوجة، ويدعو بعموم الأدلة من نحو ما ورد في مسند أحمد وسنن أبي داود عن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.

وننبه إلى أمرين:

الأول: أن لكل من الزوجين حقا للآخر، يجب عليه القيام به، كما يجب على الآخر القيام بما له عليه من حق، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}. وانظر الفتوى رقم: 27662.

الثاني: أن التعدد مباح، ولا يلتفت إلى قانون يمنع منه لغير سبب مشروع. والأولى بالمسلم أن يجتنب ما يمكن أن يدخله في الحرج والمساءلة لو قدر اطلاعه على الإقدام على التعدد في ظل مثل هذه القوانين المخالفة للشرع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني