الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعطته أمه مالًا ثم جحده أمام إخوانه، فتأذت والدته من ذلك، فهل ذلك من العقوق؟

السؤال

وعدتني أمي بإعطائي 5000ج، وعندما كنت جالسًا بجوارها قالت: لا، خذ 2500، وقم بتشغيلها في عملك مقابل أرباح لها، والباقي لا أذكر هل قالت: خذه، أو عندما أمرض اصرف منه على الأدوية، فمرضت الوالدة، وكنت آتي بالأطباء والأدوية، وقالت لإخوتي: قد أعطيت لوليد 1000 جنيه، وقالت لي: عندما يسألك إخوتك قل لهم: إنني قد أعطيتك 1000 جنيه، وعندما سألوني قلت لهم: لم تعطني أي شيء، وأنا أصرف من جيبي، فذهب أحد إخوتي وقال لها: إنني أقول إنني لم آخذ منها أي مبالغ، فبكت، فهل أكون بذلك عاقًّا، أو أقع تحت طائلة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والآيات القرآنية أم ماذا؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما فعلته من إنكار أخذ المال من أمّك، وإخبارك إخوتك أنّك تنفق عليها من مالك الخاص، فهو غير جائز؛ لما فيه من الكذب، ومخالفة أمر الوالدة، والتشبع بما لم تعط، وإيذاء الوالدة بإظهارها كاذبة أمام أولادها، وإشعارها بالمنة منك.

وإذا كانت الوالدة تأذت بهذا الأمر تأذيًا شديدًا، فقد وقعت في العقوق الذي هو من الكبائر، قال الهيتمي:.. كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، أَيْ عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي.

وراجع الفتوى رقم: 76303.

ولكنّ نرجو أن لا تؤاخذ بما تسببت فيه من إغضاب والدتك، وكسر خاطرها، ما دمت غير قاصد له، كما أن باب التوبة مفتوح، ومهما عظم الذنب فلا يعظم على عفو الله، وكرمه، فاجتهد في التوبة إلى الله، وتدارك ما فاتك من بر أمّك، وذلك بالدعاء، والاستغفار لها، والصدقة عنها، وقضاء دينها، وصلة الرحم من جهتها، وإكرام أصدقائها، قال النووي -رحمه الله-:... ولكن ينبغي له بعد الندم على ذلك، أن يُكثر من الاستغفار لهما، والدعاء، وأن يتصدق عنهما إن أمكن، وأن يكرم من كانا يحبان إِكرامَه: من صديق لهما، ونحوه، وأن يصلَ رَحِمَهما، وأن يقضي دَيْنهما، أو ما تيسر له من ذلك.

وانظر الفتوى رقم: 18806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني