الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صورة مستثناة من صور بيع العينة

السؤال

أبيع هواتف بالتقسيط، وبعد مدة من البيع: شهرين أو ثلاثة أشهر، أو أي مدة زمنية، يأتيني المشتري؛ ليبيع لي نفس الهاتف، ولا زالت عليه أقساط، وبطبيعة الحال لأن الهواتف تظهر فيها أنواع جديدة، فبالتالي الهاتف الذي اشتراه تكون قيمته قد تغيرت؛ لتغير حالته، فـأصبح مستعملا، وكذلك كما ذكرت لظهور أجهزة جديدة، تقلل من قيمة النوع القديم. وبالنسبة له، فأنا التاجر الذي يثق بي، فيرجع ليبيع لي إذا احتاج إلى عملية البيع. فهل هذا بيع عينة؟ وإذا كان ذلك حرامًا فهل لي أن آخذ منه الجهاز لأبيعه عندي في المحل دون شرائه منه، وذلك مقابل عمولة قد نتفق عليها قبل إعادة بيعه، أو أحيانا بعد أن أوفق وأبيعه له؟ أو إن جاءني وهو ما زالت عليه أقساط، يريد أن يبيع لي الجهاز القديم؛ ليدفع ثمنه مقدمًا لجهاز جديد يشتريه أيضا بالقسط، ويستمر في دفع الأقساط الأولى، ويدفع أيضًا أقساط الجهاز الجديد، أو هذا الجهاز القديم نفسه نحدد قيمته الآن، ويدخل في عملية التقسيط الجديدة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك نقاطًا، نجيب عنها مرتبة كما جاءت:

أولا: شراء الجوال بعد تغير قيمته ونقصها، ممن بعته له بالتقسيط من قبل، لا حرج فيه، وهذا مستثنى من صور بيع العينة المنهي عنه، فقد ذكر الفقهاء أن مما يستثنى من بيع العينة ما: إذا تغيرت صفة السلعة بما ينقصها.

جاء في المغني لابن قدامة: من باع سلعة بثمن مؤجل، ثم اشتراها بأقل منه نقدا، لم يجز في قول أكثر أهل العلم، وهذا إذا كانت السلعة لم تنقص عن حالة البيع، فإن نقصت، مثل إن هزل العبد، أو نسي صناعة، أو تخرق الثوب، أو بلي، جاز له شراؤها بما شاء؛ لأن نقص الثمن لنقص المبيع، لا للتوسل إلى الربا. اهـ. باختصار.

لكن لا بد من مراعاة أن يكون النقص لأجل الصفة والتغير، لا لأجل الأجل.

يوضح ذلك ما جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ العثيمين: قوله: «أو بعد تغير صفته»: لأن النقص هنا ليس في مقابل الأجل، ولكن في مقابل تغير الصفة. لكن ينبغي أن يقيد هذا بما كان الفرق بين الثمنين، هو ما نقصت به العين بسبب التغير، لا من أجل التأجيل والنقد، فلا بد أن يكون نقص الثمن بمقدار نقص الصفة. مثال: باع السيارة بعشرين ألفاً إلى سنة، وبعد مضي ثلاثة أشهر اشتراها بثمانية عشر ألفاً، والسيارة الآن تغيرت فصار فيها صدمات، ومشت مسافة أكثر، فنقول: إذا كان نقص الألفين بمقدار نقص الصفة، فهذا جائز، ولكن إن كان أقل، ونقص من أجل النقد، فهذا لا يجوز. انتهى منه بتصرف.

النقطة الثانية: سؤالك: (هل لي أن آخذ منه الجهاز لأبيعه عندي في المحل دون شرائه منه، وذلك مقابل عمولة قد نتفق عليها قبل إعادة بيعه، أو أحيانا بعد أن أوفق وأبيعه له)؟

وجوابه أن توكيل المشتري للبائع ببيع السلعة التي باعها بثمن مؤجل، لا بأس به، وعليه، فيجوز لك أن تتوكل في بيع الجوال لمن بعته له، لكن العمولة -أجرة الوكالة- يجب أن تكون معلومة عند عقد الوكالة، كما سبق في الفتوى: 104598.

النقطة الثالثة: وأما الصورة الثالثة التي ذكرتها بقولك: (ثالثا: إن جاءني وهو ما زالت عليه أقساط، يريد أن يبيع لي الجهاز القديم؛ ليدفع ثمنه مقدما لجهاز جديد يشتريه أيضًا بالقسط، ويستمر في دفع الأقساط الأولى، ويدفع أيضا أقساط الجهاز الجديد، أو هذا الجهاز القديم نفسه نحدد قيمته الآن، ويدخل في عملية التقسيط الجديدة)؟

فالجواب عنها ما ذكرناه في النقطة الأولى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني