الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة الوساوس على الإيمان والعبادات

السؤال

كنت دائماً أخاف من الناقض الخامس من نواقض الإسلام (بغض شيء من الشريعة)، أخاف من الوقوع فيه؛ لأنني أعلم أني إن وقعت لن أستطيع الخروج منه، فحصل ما كنت أخافه، أصبحت أشعر بأنني أكره بعض أحكام الدين، أريد التخلص من هذا الكره، أريد أن يتحول إلى رضا وتسليم وحب، ماذا أفعل؟
عندما يدخل وقت الصلاة، دائماً أجد في نفسي شعور استثقال، وأجد كلاما في نفسي وهو ( قومي صلي وافتكي) أشعر بأن نفسي تقول هذا الشيء، وعندما يقال هذا الكلام في داخلي أشعر بالانزعاج، وأقوم بالدعاء على الشيطان؛ لأنني لا أريد أن يكون هذا هو شعوري اتجاه أي عبادة، وليست هذه العلاقة التي أريد أن تربطني بربي، وهناك مشكلة أخرى يجب أن أقضي 92 يوما من الصيام، وأريد أن أبدأ من الآن حتى أنتهي قبل رمضان القادم، لكن عندما أريد أن أصوم أشعر بأنني كافرة، وأنني يجب أن أنتظر حتى أجد حلا لمشكلتي، وأصبح مؤمنة، ثم أقوم بالقضاء، لكن لا أريد أن أعيد خطأ السنوات الماضية، فلنفس هذا السبب (وهو أنني لست مؤمنة، ويجب أن أنتظر حتى أستعيد إيماني) تراكمت علي أيام كثيرة، من أربع رمضانات مضت، طبعا نصف هذه الأيام كانت بسبب أنني كنت أعاني من الاحتلام، وأشك فيما أجد من بلل بعد الاحتلام، فأقطع صيامي وأغتسل ( أعلم أن الاحتلام لا يفطر، لكن أخشى إن اغتسلت أن يدخل لحلقي ماء) لذلك كنت أقطع الصيام وأغتسل وأحسب هذا اليوم لأقضيه. أما النصف الآخر فكان بعضه بسبب أفكار تشككني في وجود الله (لكن الآن ولله الحمد بعد قراءتي للمعجزات، والتفكر في الخلق، بدأت أتحسن قليلا، ولا أخفيكم أنني أنتكس، وأعود إلى نقطة الصفر في بعض الأحيان) أشعر أن هذا شك، وليس مجرد وساوس، لا أجد في نفسي يقينا وإيمانا بالله واليوم الآخر، الشك دمرني، مع أنني عندما أتحدث مع نفسي أقول إن من المستحيل أن يوجد شيء بدون موجد له، لكن قلبي يشك، لم أعد أشعر بالإيمان في داخلي، والبعض الآخر بسبب الناقض الخامس، وأشعر أنني أكره الناقض الخامس؛ لأنني لا أريد أن أقع في الكفر، وأحكم على نفسي بالكفر؛ لأنني كرهت الناقض الخامس، وهو من أحكام الشريعة، وبعد ذلك أقول في نفسي حتى يذهب الكره (أن الله جعل لمن يكره شيئا من الشريعة هذا الحكم، لوجود حكمة لا يعلمها إلا هو)، تعبت وأنا أتخبط في هذه الأمور، مرات أبكي على حالي، ومرات أقف وأستعيد عزيمتي، لكن سرعان ما أسقط ، وكانت مشكلة كره شيء من الشريعة بالنسبة لي كالقشة التي قصمت ظهر البعير، أحيانا أقول سأعيش حياتي بشكل طبيعي، ولن أفكر في هذه الأمور، ولكن بعد لحظات أتذكر أنني في يوم من الأيام سأموت ولن ينفعني أحد، لذلك يجب أن أنقذ نفسي (الآن وأنا أكتب لكم هذا السؤال، وعندما ذكرت الموت لا أجد في قلبي يقينا بوجود جنة ونار بعد الموت) عندما أقرأ في معجزات القرآن، والرسول صلى الله عليه وسلم، أشعر بإيمان في قلبي، ولكن سرعان ما يذهب مثلا عندما قرأت معجزة تكثير الماء والطعام، تأتي فكرة بأن كل هذا مجرد تخييل للناس وليس حقيقة.
سؤالي هو: هل أنا كافرة؟ وهل عندما يكره شخص حكما من أحكام الشريعة، ولكن يعلم ويقر بأن الخير الصلاح في حكم الله. هل يكفر؟
حاولت قدر استطاعتي أن أختصر مشكلتي، وأرجو أن تعذروني على الإطالة.
وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تمكن منك الوسواس تمكنا عظيما، ولا بد لك من القيام بمعالجته، وإلا أفضى بك الاسترسال مع هذه الوساوس إلى شر عظيم، فعليك كلما عرضت لك الوساوس أن تتجاهليها، وتعرضي عنها ولا تبالي بها، وتعيشي حياتك بصورة طبيعية، واعلمي أن هذا هو ما شرعه الله لك، وأمرك به.

فأما الصيام فلا يلزمك قضاء شيء من الأيام، إذا كان الأمر كما ذكرت؛ لأن الأصل صحة صومك، ولا يبطل بمجرد هذه الوساوس.

وأما ما يقع لك من الوسوسة في باب الإيمان، فأعرضي عنه، واعلمي أنك بحمد الله على الإسلام، لا تخرجين منه بمجرد هذه الخواطر، واستثقالك لبعض العبادات لا يعد بغضا لها، ولا يخرجك من الملة، وما يقع في قلبك من الخواطر والأوهام، والشكوك في وجود الله، والجنة والنار ونحو ذلك، مما لا يؤثر في صحة إيمانك ما دمت كارهة له، نافرة منه.

فعليك أن تدافعي هذه الوساوس، وألا تعيريها اهتماما، واعلمي أنك مأجورة على مدافعة هذه الوساوس والسعي في التخلص منها، وانظري الفتوى رقم: 147101.

ونحن نرى أنك بإذن الله تعالى محبة لشرع الله، غير مبغضة لشيء منه، فدعي عنك وسوسة الشيطان، وتلبيسه لئلا تفسد عليك حياتك، ويتنغص عيشك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني