الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في شركة تبيع بعض المحرمات

السؤال

تعاقدت مع شركة، ولم أنتقل إليها بعد، لأعمل معها في مجال تكنولوجيا المعلومات، وهي شركة كبيرة، وجذبتني؛ وبالعمل فيه أنال خبرة أحتاجها كثيرًا، وهي شركة لديها مجموعة من المنتجات تبيعها عبر الإنترنت، وتسمح للآخرين بالبيع والشراء من خلال هذا الموقع، وتصفحت الموقع، ووجدت فيه بعض المنتجات المخالفة للشرع، مثل حمالة زجاجات الخمر، أو لعبة إلكترونية تحوي بعض المخالفات، أو صور نساء، ولكن -حسب ما رأيت- أغلب المنتجات هي منتجات عادية، ولا حرام فيها، أي أن الحرام فيها قليل، وعملي في هذه الشركة -كما قلت- ليس في المبيعات، ولا في المشتريات، إنما في تكنولوجيا المعلومات لتطوير الموقع وتحسينه، ونحن مسؤولون عن بقاء هذا الموقع يعمل دون مشاكل، والحفاظ على بياناته من الفقدان، ومساعدة الموظفين الآخرين في تطوير هذا الموقع، يعني عمل تكنولوجيا المعلومات الاعتيادي، فهل يحل لي العمل في مثل هذه الشركات؟ وهل في هذا العمل إعانة على الباطل، أم الإعانة هي مباشرة بيع المحرم؟
للتوضيح فقط: قد لا يعرف الكثير ماذا يباع ويشترى، إلا الذين يبحثون فعلًا عن أشياء محرمة، فنحن في قسم الIT نقوم بتقديم خدمة، ولا نعرف حقيقة المنتجات التي توضع على الموقع، سواء كانت الشركة هي التي وضعتها، أم أي شخص يريد البيع في هذا الموقع. أتمنى أن تكون الصورة واضحة -جزاكم الله كل خير-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعمل في الجهات التي أصل نشاطها مباح, لكن يعرض في أنشطتها ما هو محرم، جائز، إذا كان العامل لا يباشر المحرم.

ومن ثم؛ فإن كان الغالب على ما تعرضه الشركة وتبيعه من منتجات هو الإباحة -كما ذكرت- ومجال عملك فيها لا صلة له ببيع ما هو محرم، فلا حرج عليك في ذلك، وقد سئل الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي -كما في موقعه- عن العمل في شركة نشاطها مختلط، تنتج أجهزة وبرامج قد يستفاد منها فيما لا يجوز.

وكان جوابه: حكم العمل في هذه الشركة، لا يختلف عن حكم العمل في سائر الشركات التي قد يكون جزء من المستفيدين من خدماتها جهات معصية، فشركة الكهرباء، والاتصالات، ونحوها، يرد على العمل فيها نظير المحاذير التي أوردتها في سؤالك، والذي أراه أنه يجوز العمل في هذه الشركات بالضوابط الآتية:

1- إذا كان أصل نشاط الشركة محرمًا -كالبنوك الربوية، وشركات التأمين التجاري، ونحو ذلك- فهذه يحرم العمل فيها مطلقًا، ولو كان الشخص في وظيفة لا علاقة لها بالعمل المحرم نفسه؛ لأن عمله في الشركة فيه إعانة على المعصية، أما إذا كان المقصود من نشاط الشركة مباحًا، لكنها قد تزاول بعض الأنشطة المحرمة، ككثير من الشركات التجارية، والصناعية، والمطاعم، ونحوها، فهذه يجوز العمل فيها من حيث الأصل، ولو كان بعض نشاطها محرمًا بالضوابط الآتية.

2- ألا يكون المنتج الذي تقدمه الشركة مخصصًا لأمر محرم، أو يغلب استعماله فيه ...

3- ألا يباشر الموظفُ العملَ المحرمَ بنفسه ... أما إذا كان عمله في الشركة لا يستلزم مباشرته بنفسه للعمل المحرم، فلا حرج عليه -إن شاء الله- في البقاء فيها.

وعلى هذا؛ فإذا لم يغلب على ظنك أن العمل في الشركة يستلزم مباشرة عمل محرم؛ لندرة ذلك، أو لأن بمقدورك الامتناع فيما لو أسند إليك شيء منه، فلا حرج عليك في الانتقال إليها، والله أعلم. انتهى بتصرف يسير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني