الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      عبد العظيم

                                                                                      الإمام العلامة الحافظ المحقق شيخ الإسلام زكي الدين أبو محمد عبد [ ص: 320 ] العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة بن سعد المنذري الشامي الأصل المصري الشافعي .

                                                                                      ولد في غرة شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة .

                                                                                      وسمع من أبي عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي ، وهو أول شيخ لقيه ، وذلك في سنة إحدى وتسعين ، ومن عمر بن طبرزذ ، وهو أعلى شيخ له ، ومن أبي الجود غياث المقرئ ، وست الكتبة بنت علي بن الطراح ، ومن يونس بن يحيى الهاشمي ، لقيه بمكة ، وجعفر بن محمد بن آموسان ، أملى عليه بالمدينة ، وعلي بن المفضل الحافظ ، ولازمه مدة ، وبه تخرج ، وعبد المجيب بن زهير الحربي ، وإبراهيم بن البتيت ، وأبي روح البيهقي ، وأبي عبد الله بن البناء الصوفي ، وعلي بن أبي الكرم بن البناء الخلال ، وأبي المعالي محمد بن الزنف وأبي اليمن زيد بن الحسن الكندي ، وأبي الفتوح بن الجلاجلي ، وأبي المعالي أسعد بن المنجى مصنف " الخلاصة " وأحمد بن محمد بن سيدهم الأنصاري ، وأحمد بن عبد الله السلمي العطار ، والشيخ أبي عمر بن قدامة ، وداود بن ملاعب ، وأبي نزار ربيعة بن الحسن الحضرمي ، والإمام موفق الدين بن قدامة ، وأبي محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني ، وموسى بن عبد القادر الجيلي ، والعلامة أبي محمد عبد الله بن نجم بن شاس المالكي ، [ ص: 321 ] والقاضي أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مجلي وعبد الجليل بن مندويه الأصبهاني ، والواعظ علي بن إبراهيم بن نجا الأنصاري - سمعه يعظ - ونجيب بن بشارة السعدي سمع منه كتاب " العنوان " وعبد العزيز بن باقا ، ومحمد بن عماد ، وأبي المحاسن بن شداد ، وأبي طالب بن حديد ، وخلق كثير لقيهم بالحرمين ومصر والشام والجزيرة .

                                                                                      وعمل " المعجم " في مجلد ، و " الموافقات " في مجلد ، واختصر " صحيح مسلم " و " سنن أبي داود " ، وتكلم على رجاله ، وعزاه إلى " الصحيحين " أو أحدهما أو لينه ، وصنف شرحا كبيرا " للتنبيه " في الفقه وصنف " الأربعين " ، وغير ذلك .

                                                                                      وقرأ القراءات على أبي الثناء حامد بن أحمد الأرتاجي ، وتفقه على الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشي الشافعي ، وأخذ العربية عن أبي الحسين يحيى بن عبد الله الأنصاري .

                                                                                      قال الحافظ عز الدين الحسيني درس شيخنا بالجامع الظافري ، ثم ولي مشيخة الدار الكاملية ، وانقطع بها عاكفا على العلم ، وكان عديم النظير في علم الحديث على اختلاف فنونه ثبتا حجة ورعا متحريا ، قرأت عليه قطعة حسنة من حديثه وانتفعت به كثيرا .

                                                                                      [ ص: 322 ] قلت : حدث عنه أبو الحسين اليونيني ، وأبو محمد الدمياطي ، والشرف الميدومي ، والتقي عبيد ، والشيخ محمد القزاز ، والفخر بن عساكر ، وعلم الدين الدواداري ، وقاضي القضاة ابن دقيق العيد ، وعبد القادر بن محمد الصعبي ، وإسحاق بن إبراهيم الوزيري ، والحسين بن أسد بن الأثير ، وعلي بن إسماعيل بن قريش المخزومي ، والعماد بن الجرائدي ، وأبو العباس بن الدفوفي ، ويوسف بن عمر الختني ، وخلق سواهم ، ودرس بالجامع الظافري مدة قبل مشيخة الكاملة ، وكان يقول : إنه سمع من الحافظ عبد الغني ، ولم نظفر بذلك ، وأجاز له مروياته ، وكان متين الديانة ، ذا نسك وورع وسمت وجلالة .

                                                                                      قال شيخنا الدمياطي : هو شيخي ومخرجي ، أتيته مبتدئا ، وفارقته معيدا له في الحديث .

                                                                                      ثم قال : توفي في رابع ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة ورثاه غير واحد بقصائد حسنة .

                                                                                      وقال الشريف عز الدين أيضا : كان شيخنا زكي الدين عالما بصحيح الحديث وسقيمه ، ومعلوله وطرقه ، متبحرا في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله ، قيما بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه ، إماما حجة .

                                                                                      قلت : ومات معه في هذه السنة أمير المؤمنين المستعصم بالله أبو أحمد مقتولا شهيدا عند أخذ بغداد وابناه أحمد وعبد الرحمن وأعمامه علي وحسن وسليمان ويوسف وحبيب بنو الخليفة الظاهر ، وابنا عمه حسين ويحيى ولدا علي ، وملك الأمراء مجاهد الدين أيبك الدويدار ، وسليمان [ ص: 323 ] شاه ، وفتح الدين بن كر وعدة أمراء كبار ، والمحتسب عبد الرحمن بن الجوزي .

                                                                                      وأخوه تاج الدين عبد الكريم ، والقاضي أبو المناقب محمود بن أحمد الزنجاني عالم الوقت ، وشرف الدين محمد بن محمد بن سكينة قاتل حتى قتل ، ونقيب العلوية أبو الحسن علي بن النسابة ، وشيخ الشيوخ صدر الدين بن النيار ، وابن أخيه عبد الله ، ومهذب الدين عبد الله بن عسكر البعقوبي ، والقاضي برهان الدين القزويني ، والقاضي إبراهيم النهر فصلي ، والخطيب عبد الله بن عباس الرشيدي ، وشيخ التجويد علي بن الكتبي ، وتقي الدين الموسوي نقيب المشهد ، وشرف الدين محمد بن طاوس العلوي ، وخلق من الصدور قتلوا صبرا ، وأستاذ الدار محيي الدين يوسف بن الجوزي .

                                                                                      وسيد الشعراء جمال الدين يحيى بن يوسف الصرصري ، وشيخ القراء عفيف الدين المرجى بن الحسن بن شقيراء الواسطي السفار ، وعالم الإسكندرية أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي ، والحافظ صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن البكري ، وشيخ اللغة شرف الدين الحسين بن إبراهيم الإربلي ، والصاحب بهاء الدين زهير بن محمد المهلبي المصري الشاعر ، وصاحب الكرك الملك الناصر داود بن المعظم عيسى بن العادل ، وخطيب بيت الأبار عماد الدين داود بن عمر المقدسي خطيب دمشق .

                                                                                      والشيخ الزاهد أبو الحسن الشاذلي علي بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي بعيذاب ، وشيخ القراء أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد الفاسي بحلب ، ومقرئ الموصل الإمام محمد بن أحمد بن أحمد الحنبلي شعلة شابا ، وخطيب مردا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المقدسي الحنبلي ، والمسند ابن خطيب القرافة أبو عمرو عثمان بن علي القرشي ، والمحدث شمس الدين علي بن مظفر النشبي الدمشقي ، وخلق سواهم في تاريخي الكبير .

                                                                                      [ ص: 324 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم المؤدب ، أخبرنا عبد العظيم الحافظ أخبرنا محمد بن حمد في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة ، أنبأنا علي بن الحسين الموصلي ، أخبرنا علي بن الحسن بن قسيم ، أخبرنا علي بن محمد بن إسحاق القاضي ، حدثنا أبو عبد الله المحاملي ، حدثنا يعقوب عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان . أخرجه النسائي عن يعقوب الدورقي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية