( حدثنا ، حدثنا محمد بن المثنى ، أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ( محمد بن جعفر شعبة ، عن ) بضم ميم وتشديد راء ( عن عمرو بن مرة أبي حمزة رجل من الأنصار ) بالجر ولو رفع له وجه ( عن رجل من بني عبس ) بفتح فسكون موحدة قال المؤلف : في جامعه أبو حمزة عندنا طلحة بن زيد انتهى .
وقال : النسائي أبو حمزة عندنا طلحة بن يزيد قال ميرك : وهذا قول الأكثر قال الحافظ المنذري : طلحة بن يزيد أبو حمزة الأنصاري مولاهم الكوفي وثقه ، واحتج به النسائي والرجل شيخه هو البخاري احتج به الشيخان ( عن صلة بن زفر العبسي الكوفي ) ورواه عنه أيضا الشيخان ، حذيفة بن اليمان وأبو داود ، مع تخالف في بعضه عن والنسائي ( أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل ) من للتبعيض أو بمعنى في ، ولفظ أحمد حذيفة بن اليمان : أنه صلى معه في ليلة من رمضان بالصلاة ( قال ) أي : والنسائي حذيفة ( فلما دخل ) الفاء تفصيلية قال الحنفي : وقال ابن حجر أي : أراد الدخول ( في الصلاة قال الله أكبر ) إلخ . والأظهر أن هذا بعد تكبيرة التحريمة كما يدل عليه زيادة الكلمات الآتية ، وكذا رواية أبي داود قال : الله أكبر ثلاثا ، والمعنى : أنه أعظم من كل شيء كما درجوا عليه ، وتفسير بعضهم إياه بالكبير ضعيف كما قاله صاحب المغرب ، وقيل معناه أكبر من أن يعرف كنه كبريائه ، وإنما قدر له ذلك ; لأنه أفعل فعلى يلزمه الألف واللام ، أو الإضافة كالأكبر وأكبر القوم كذا في النهاية ، ولعل وجه تجريده عن المتعلقات لاتصافه سبحانه بالأكبرية أيضا قيل حدوث الموجودات ، وظهور المخلوقات ، أو للإشارة إلى جواز كل من الاستعمالات ( ذو الملكوت ) أي : مالك الملك وصيغة " فعلوت " للمبالغة والكثرة كما في رحموت ورهبوت وأما ما ورد من قوله : ذو الملك والملكوت ، فيفرق بينهما بأن المراد من الأول ظاهر الملك ، ومن الثاني باطنه كما يعبر عنهما بعالم الغيب والشهادة ( والجبروت ) فعلوت من الجبر وهو القهر قال تعالى : وهو القاهر فوق عباده فسبحان من قهر العباد بالموت ، وغيره مما قضى عليهم ، فهو الجبار الذي يقهر عباده على ما أراده ( والكبرياء ) أي : الترفع ، والتنزه عن كل نقص ( والعظمة ) أي : تجاوز القدر عن الإحاطة ، والكبرياء عبارة عن كمال الذات ، والعظمة إشارة إلى جمال الصفات ( قال ) أي : حذيفة ( ثم قرأ البقرة ) أي : مع فاتحتها وهي فاتحة الكتاب ، وفي رواية أبي داود : ثم استفتح فقرأ البقرة ، أو بعد قراءة أم القرآن ، وليس كما يتوهمه بعض الناس من أنه افتتح بالبقرة من غير قراءة الفاتحة ; فإن من عادته دوام مواظبته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ الفاتحة في كل صلاة ، وقد قال : " " على خلاف بين الأئمة من أن المراد به نفي الكمال أو الصحة ، وإنما لم يذكرها الراوي لما عرف من عادته - صلى الله عليه وسلم - ( ثم ركع فكان ركوعه نحوا ) أي : قريبا ( من قيامه ) والمراد أن ركوعه كان متجاوزا عن المعهود كالقيام ، وأغرب من زعم أن ( من ) هذه للبيان حيث قال : هذا بيان لقوله نحوا أي : مثلا ، وأبعد من قال [ ص: 94 ] من قيامه بعد الركوع ( وكان يقول ) قيل هو حكاية للحال الماضية استحضارا ، وكأنه لم يستحضر أن " كان " يحول " يقول " من معنى الحال إلى المضي ، وإنما عدل عنه ليدل على الاستمرار المشعر بالكثرة ، فهو في قوة وقال : ( سبحان ربي العظيم ) بفتح ياء الإضافة ، ويجوز إسكانها ( سبحان ربي العظيم ) كرره لإفادة التكثير ( ثم رفع رأسه وكان قيامه ) أي : بعد الركوع ( نحوا من ركوعه ، وكان يقول لربي الحمد ) بتقديم الجار لإفادة الحصر والاختصاص ( لربي الحمد ) التكرار لبيان الإكثار ( ثم سجد فكان سجوده نحوا من قيامه ) أي : اعتداله من الركوع ( وكان يقول سبحان ربي الأعلى ) اختير التسبيحات في الركوع ، والسجود بقوله تعالى : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فسبح باسم ربك العظيم و سبح اسم ربك الأعلى على ما ورد في حديث أنه اختارهما بعد نزولهما ، ولا يخفى وجه مناسبة العظمة للركوع المشير إلى نهاية الخضوع ، والأعلى للخفض الدال على كمال الخشوع ( ثم رفع رأسه فكان ما بين السجدتين نحوا من السجود ، وكان يقول ) أي : في جلوسه بين السجدتين ( رب اغفر لي ، رب اغفر لي ) وهذا إنما يستحب عندنا في النوافل ، وقوله ( حتى ) غاية لمحذوف أي : لا يزال يطول الصلاة التي صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الزمان حتى ( قرأ ) فيهن ( البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام . شعبة ) أي : من بين الرواة هو ( الذي شك في المائدة والأنعام ) وفي نسخة ضعيفة أو الأنعام ، قال ميرك : ظاهر هذا الحديث يقتضي أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة البقرة في ركعة لكن لم يتبين في هذه الرواية أن قرأ آل عمران والنساء والمائدة هل هن في الركعة الثانية أم في ثلاث ركعات أخر ؟ قلت : الظاهر هو الثاني [ ص: 95 ] لئلا يلزم إطالة الثانية قال : وقد بينه أبو داود في رواية ; فإنه قال : بعد قوله : رب اغفر لي فصلى أربع ركعات قرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة ، والأنعام شك شعبة فيحمل رواية الترمذي عليها بأن يقال المراد حتى قرأ البقرة ، وآل عمران والنساء ، والمائدة في أربع ركعات بقرينة رواية أبي داود ، قلت : روايته غير صريحة في المقصود ، وإن كانت نصا في المعدود ، ثم قال : لكن قال الشيخ ابن حجر : في شرح روى البخاري مسلم من حديث حذيفة أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقرأ البقرة ، وآل عمران ، والنساء في كل ركعة وكان إذا مر بآية فيها تسبيح يسبح الله أو سؤال سأل الله أو تعويذ تعوذ ثم ركع نحوا مما قام ، ثم قام نحوا مما ركع ، ثم سجد نحوا مما قام ، قلت : فيحتمل أنه قرأ المائدة أو الأنعام في ركعة أخرى ، أو في ثلاث أخر ، قال ميرك : ورواه أيضا من طريق النسائي ، عن الأعمش سعد بن عبيدة ، عن المستورد بن الأحنف ، عن ، عن صلة بن زفر حذيفة قال : ، الحديث . قلت : تقديم النساء على ما هو المعروف المستقر من أحواله - صلى الله عليه وسلم - وما استقر عند الصحابة من الإجماع على ترتيب السور على خلاف في أنه توقيفي بخلاف ترتيب الآي ; فإنه قطعي قال صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة فافتتح البقرة ، فقلت : يركع عند المائة فمضى ، فقلت يركع عند المائتين ، فمضى فقلت : يصلي بها في ركعة ، فمضى فافتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع ميرك : فهاتان الروايتان صريحتان في قراءة السور الثلاث في ركعة واحدة . قال ميرك : وأظن أن في رواية أبي داود تقديما وتأخيرا ، والصواب ثم قرأ البقرة ، وآل عمران والنساء ، والمائدة ثم ركع ، ولذلك حذف الترمذي قوله : فصلى أربع ركعات قرأ فيهن البقرة إلى آخره ، فإما أن يحمل على تعدد الواقعة ، وتكون صلاة حذيفة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقعت في ليلتين في إحداهما قرأ السور الثلاث في ركعة ، وفي الأخرى قرأ السور الأربع في أربع ركعات أو يقال أن في رواية أبي داود ، وهما والصواب رواية والترمذي مسلم ; فإن فيهما التفصيل والتبيين حيث ذكر فيهما ، " فقلت : يركع عند المائة " حتى قال : " يصلي بها في ركعة " فمضى إلى آخره ، ويؤيده اتحاد المخرج ، وهو والنسائي ، ولعل صلة بن زفر لأجل هذا الاختلاف ، والاضطراب لم يخرجه في صحيحه أصلا انتهى . البخاري
وبه يعلم أن قول ابن حجر المكي لكن رواية الشيخين : " فافتتح البقرة " إلى آخره ظاهرهما أنه قرأ الكل في ركعة خطأ منه من وجوه أما أولا ، فلما علمت أن ليس له رواية في هذا الحديث وأما ثانيا فلأن قوله : " فافتتح " إنما هو رواية البخاري لا رواية النسائي مسلم ، وأما ثالثا فلأن مفهوم رواية مسلم أنه قرأ السور الثلاث الأول في ركعة لا أنه قرأ الكل في ركعة . والنسائي