الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة البنت من رفع صوتها على أمها ومسامحة الأم لها

السؤال

أنا أعاني من مشكلة مع أمي فهي لا تكلمني منذ ثلاثة أشهر لأني رفعت صوتي عليها وحاولت إرضاءها مرتين، ولكنها لم تستجب، وهي تفعل ذلك معي منذ الطفولة، وعمري الآن 20 عاماً، كما أنها تميز في المعاملة بيني وبين أختي الأصغر مني، فأنا ابنتها الكبرى، دعوت ربي أن ترضى عني وما زلت أدعوه، ساعدوني أرجوكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكثير من الأبناء -للأسف- يجهل حق الوالدين، وحق الأم على وجه الخصوص، فتجد أحدهم يرفع صوته عليها، وآخر يعاملها معاملة قاسية، وثالث يأمرها وينهاها ويطلب منها أن تخدمه، جاهلين أو متجاهلين ما بوأها الله عز وجل من منزلة ومكانة، لو علمها هذا العاق المتطاول لتوقف فورا عما هو عليه ، أما علم أن حقها يأتي بعد حق الله عز وجل، وطاعتها والإحسان إليها رديف عبادته سبحانه وتوحيده، قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}.

أما علم أن برها أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي حق الله، وأن عقوقها أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، وبر الوالدين. رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين... الحديث متفق عليه.

وهي -أي الأم- والأب مشتركان في هذه المنزلة، إلا أن لها على الأب مزيد حق، ولها عليه درجة، لأنها من عانت ثقل الحمل، وقاست آلام الوضع، وأرضعت وسهرت وحزنت وأماطت الأذى.... ألخ، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة.

فعلى الأخت أن تتوب إلى الله مما بدر منها من رفع الصوت على أمها، فقد نهيت عن ذلك، وأمرت بالأدب معها، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.

وينبغي للأم أن تسامح ابنتها إن أظهرت توبتها وطلبت منها العفو والمغفرة، وعرفت الحق، ولزمته، ولا يجوز التمييز بين الأبناء وسبق بيانه في الفتوى رقم: 19505.

وعلى البنت أن لا تكون شديدة الحساسية تجاه أمها، ولتحمل ما تظن أنه تمييز لأخواتها عليها على أحسن المحامل، وتعذر أمها في ذلك، وتدعو لها بالسداد والتوفيق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني