الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 270 ] سعد بن عبادة

                                                                                      ابن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج .

                                                                                      السيد الكبير الشريف أبو قيس الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني ، النقيب سيد الخزرج .

                                                                                      له أحاديث يسيرة وهي عشرون بالمكرر .

                                                                                      مات قبل أوان الرواية ، روى عنه سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، مرسل . له عند أبي داود ، والنسائي حديثان .

                                                                                      قال أبو الأسود : عن عروة إنه شهد بدرا ، وقال جماعة : ما شهدها . [ ص: 271 ]

                                                                                      قال ابن سعد : كان يتهيأ للخروج إلى بدر ، ويأتي دور الأنصار يحضهم على الخروج ، فنهش ، فأقام ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لإن كان سعد ما شهد بدرا ، لقد كان حريصا عليها " .

                                                                                      قال : وكان عقبيا نقيبا سيدا جوادا .

                                                                                      ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كان يبعث إليه كل يوم جفنة من ثريد اللحم أو ثريد بلبن أو غيره ، فكانت جفنة سعد تدور مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيوت أزواجه .

                                                                                      وقال البخاري في " تاريخه " : إنه شهد بدرا . وتبعه ابن منده .

                                                                                      وممن روى عنه أولاده : قيس ، وسعيد ، وإسحاق ، وابن عباس . وسكن دمشق - فيما نقل ابن عساكر - قال : ومات بحوران ، وقيل : قبره بالمنيحة .

                                                                                      روى ابن شهاب : عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت وعليها نذر ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأمرني أن أقضيه عنها . [ ص: 272 ]

                                                                                      والأكثر جعلوه من مسند ابن عباس .

                                                                                      أحمد في " مسنده " : حدثنا يونس ، حدثنا حماد ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي شميلة ، عن رجل رده إلى سعيد الصراف ، عن إسحاق بن سعد بن عبادة ، عن أبيه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن هذا الحي من الأنصار مجنة ، حبهم إيمان ، وبغضهم نفاق " .

                                                                                      قال موسى بن عقبة والجماعة : إنه أحد النقباء ليلة العقبة .

                                                                                      وعن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل ، قال : جاء سعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، يمتاران لأهل العقبة وقد خرج القوم ، فنذر بهما أهل مكة . فأخذ سعد ، وأفلت المنذر . قال سعد : فضربوني حتى تركوني كأني [ ص: 273 ] نصب أحمر - يحمر النصب من دم الذبائح عليه - قال : فخلا رجل كأنه رحمني ، فقال : ويحك ! أما لك بمكة من تستجير به ؟ قلت : لا ، إلا أن العاص بن وائل قد كان يقدم علينا المدينة فنكرمه . فقال رجل من القوم : ذكر ابن عمي ، والله لا يصل إليه أحد منكم . فكفوا عني ، وإذا هو عدي بن قيس السهمي .

                                                                                      حجاج بن أرطاة : عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : كان لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع علي ، ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة .

                                                                                      رواه أبو غسان النهدي ، عن إبراهيم بن الزبرقان ، عنه .

                                                                                      معمر : عن عثمان الجزري ، عن مقسم - لا أعلمه إلا عن ابن عباس - : إن راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تكون مع علي ، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة .

                                                                                      حماد بن سلمة : عن ثابت ، عن أنس ، قال : لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إقفال أبي سفيان قال : " أشيروا علي " . فقام أبو بكر ، فقال : اجلس . فقام سعد بن عبادة . [ ص: 274 ] فقال : لو أمرتنا يا رسول الله أن نخيضها البحر لأخضناها ، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا .

                                                                                      أبو حذيفة : حدثنا سفيان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر : " من جاء بأسير فله سلبه " . فجاء أبو اليسر بأسيرين ، فقال سعد بن عبادة : يا رسول الله ، حرسناك مخافة عليك . فنزلت يسألونك عن الأنفال .

                                                                                      ورواه عبد الرزاق ، عن سفيان .

                                                                                      علي بن بحر : حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل ، حدثنا أبي عن جدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب المرأة ويصدقها ، ويشرط لها " صحفة سعد تدور معي إذا درت إليك " . فكان يرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصحفة كل ليلة .

                                                                                      محمد بن إسحاق بن يسار ، عن أبيه مرسلا نحوه . [ ص: 275 ]

                                                                                      الأوزاعي : عن يحيى بن أبي كثير : كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - من سعد كل يوم جفنة تدور معه حيث دار ، وكان سعد يقول : اللهم ارزقني مالا ; فلا تصلح الفعال إلا بالمال .

                                                                                      أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت والذين يرمون المحصنات قال سعد سيد الأنصار : هكذا أنزلت يا رسول الله ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا معشر الأنصار ، ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم ؟ " قالوا : لا تلمه ; فإنه غيور ، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا ، ولا طلق امرأة قط ، فاجترأ أحد يتزوجها . فقال سعد : يا رسول الله ، والله لأعلم أنها حق ، وأنها من الله ، ولكني قد تعجبت أن لو وجدت لكاع قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء ، فلا آتي بهم حتى يقضي حاجته . الحديث .

                                                                                      وفي حديث الإفك : قالت عائشة : فقام سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية فقال : كلا والله لا تقتله ولا تقدر على ذلك . [ ص: 276 ]

                                                                                      يعني يرد على سعد بن معاذ سيد الأوس . وهذا مشكل ; فإن ابن معاذ كان قد مات .

                                                                                      جرير بن حازم ، عن ابن سيرين : كان سعد بن عبادة يرجع كل ليلة إلى أهله بثمانين من أهل الصفة يعشيهم .

                                                                                      قال عروة : كان سعد بن عبادة يقول : اللهم هب لي حمدا ومجدا ، اللهم لا يصلحني القليل ، ولا أصلح عليه .

                                                                                      قلت : كان ملكا شريفا مطاعا ، وقد التفت عليه الأنصار يوم وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليبايعوه ، وكان موعوكا ، حتى أقبل أبو بكر والجماعة ، فردوهم عن رأيهم ، فما طاب لسعد .

                                                                                      الواقدي : حدثنا محمد بن صالح عن الزبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعدي أن الصديق بعث إلى سعد بن عبادة : أقبل فبايع ; فقد بايع الناس . فقال : لا والله ، لا أبايعكم حتى أقاتلكم بمن معي . فقال بشير بن سعد : يا خليفة رسول الله ، إنه قد أبى ولج ، فليس يبايعكم حتى يقتل ، ولن [ ص: 277 ] يقتل حتى يقتل معه ولده وعشيرته ، فلا تحركوه ما استقام لكم الأمر ، وإنما هو رجل وحده ما ترك . فتركه أبو بكر .

                                                                                      فلما ولي عمر ، لقيه فقال : إيه يا سعد ! فقال : إيه يا عمر ! فقال عمر : أنت صاحب ما أنت صاحبه ؟ قال : نعم . وقد أفضى إليك هذا الأمر ، وكان صاحبك - والله - أحب إلينا منك ، وقد أصبحت كارها لجوارك . قال : من كره ذلك تحول عنه . فلم يلبث إلا قليلا حتى انتقل إلى الشام ، فمات بحوران .

                                                                                      إسنادها كما ترى .

                                                                                      ابن عون ، عن ابن سيرين أن سعدا بال قائما فمات ، فسمع قائل يقول :


                                                                                      قد قتلنا سيد الخز رج سعد بن عباده     ورميناه بسهمي
                                                                                      ن فلم نخط فؤاده

                                                                                      وقال سعد بن عبد العزيز : أول ما فتحت بصرى ، وفيها مات سعد بن عبادة .

                                                                                      وقال أبو عبيد : مات سنة أربع عشرة بحوران .

                                                                                      وروى ابن أبي عروبة : عن ابن سيرين أن سعد بن عبادة بال قائما ، فمات ، وقال : إني أجد دبيبا . [ ص: 278 ]

                                                                                      الأصمعي : حدثنا سلمة بن بلال عن أبي رجاء ، قال : قتل سعد بن عبادة بالشام ، رمته الجن بحوران .

                                                                                      الواقدي : حدثنا يحيى بن عبد العزيز ، من ولد سعد ، عن أبيه ، قال : توفي سعد بحوران لسنتين ونصف من خلافة عمر ، فما علم بموته بالمدينة حتى سمع غلمان قائلا من بئر يقول :

                                                                                      قد قتلنا سيد الخز     رج سعد بن عباده
                                                                                      ورميناه بسهمي     ن فلم نخط فؤاده

                                                                                      فذعر الغلمان ، فحفظ ذلك اليوم ، فوجدوه اليوم الذي مات فيه .

                                                                                      وإنما جلس يبول في نفق ، فمات من ساعته . ووجدوه قد اخضر جلده .

                                                                                      وقال يحيى بن بكير وابن عائشة وغيرهما : مات بحوران سنة ست عشرة .

                                                                                      وروى المدائني : عن يحيى بن عبد العزيز ، عن أبيه ، قال : مات في خلافة أبي بكر .

                                                                                      قال ابن سعد : كان سعد يكتب في الجاهلية ، ويحسن العوم والرمي . [ ص: 279 ]

                                                                                      وكان من أحسن ذلك ، سمي الكامل . وكان سعد وعدة آباء له قبله ينادى على أطمهم : من أحب الشحم واللحم ، فليأت أطم دليم بن حارثة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية