الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الأشعث

                                                                                      الأمير متولي سجستان ، عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي .

                                                                                      بعثه الحجاج على سجستان ، فثار هناك ، وأقبل في جمع كبير ، وقام معه علماء وصلحاء لله -تعالى- لما انتهك الحجاج من إماتة وقت الصلاة ، ولجوره وجبروته . فقاتله الحجاج ، وجرى بينهما عدة مصافات ، وينتصر ابن الأشعث ، [ ص: 184 ] ودام الحرب أشهرا ، وقتل خلق من الفريقين ، وفي آخر الأمر انهزم جمع ابن الأشعث ، وفر هو إلى الملك رتبيل ملتجئا إليه ، فقال له علقمة بن عمرو : أخاف عليك ، وكأني بكتاب الحجاج قد جاء إلى رتبيل يرغبه ويرهبه ، فإذا هو قد بعث بك أو قتلك ، ولكن هاهنا خمس مائة مقاتل قد تبايعنا على أن ندخل مدينة نتحصن بها ونقاتل حتى نعطى أمانا أو نموت كراما .

                                                                                      فأبى عليه ، وأقام الخمس مائة حتى قدم عمارة بن تميم فقاتلوه حتى أمنهم ووفى لهم ، ثم تتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل بطلب ابن الأشعث ، فبعث به إليه على أن ترك له الحمل سبعة أعوام . وقيل : إن ابن الأشعث أصابه السل فمات ، فقطع رأسه ، ونفذ إلى الحجاج .

                                                                                      وقيل : إن الحجاج كتب إلى رتبيل : إني قد بعثت إليك عمارة في ثلاثين ألفا يطلبون ابن الأشعث فأبى أن يسلمه ، وكان مع ابن الأشعث عبيد بن أبي سبيع ، فأرسله إلى رتبيل ، فخف على رتبيل واختص به ، قال لابن الأشعث أخوه القاسم : لا آمن غدر رتبيل ، فاقتله -يعني عبيدا - فهم به ، ففهم ذلك وخاف ، فوشي به إلى رتبيل وخوفه من غائلة الحجاج ، وهرب سرا إلى عمارة فاستعجل في ابن الأشعث ألف ألف درهم .

                                                                                      فكتب بذلك عمارة إلى الحجاج فكتب : أن أعط عبيدة ورتبيل ما طلبا .

                                                                                      فاشترط أمورا فأعطيها وأرسل إلى ابن الأشعث وإلى ثلاثين من أهل بيته وقد هيأ لهم القيود والأغلال ، فقيدهم وبعث بهم إلى عمارة ، وسار بهم ، فلما قرب ابن الأشعث من العراق ألقى نفسه من قصر خراب أنزلوه فوقه فهلك .

                                                                                      فقيل : ألقى نفسه والحر معه الذي هو مقيد معه ، والقيد في رجلي الاثنين فهلكا ، وذلك في سنة أربع وثمانين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية