الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 5 ] السلفي

                                                                                      هو الإمام العلامة المحدث الحافظ المفتي ، شيخ الإسلام شرف المعمرين أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني .

                                                                                      [ ص: 6 ] ويلقب جده أحمد سلفة ، وهو الغليظ الشفة ، وأصله بالفارسية سلبة ، وكثيرا ما يمزجون الباء بالفاء فالسلفي مستفاد مع السلفي -بفتحتين- وهو من كان على مذهب السلف ، ومنهم : أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله السرخسي يروي عن أبي الفتيان الرواسي .

                                                                                      والسلفي -بضم ثم فتح- قيس بن الحجاج السلفي ، ورافع بن عقيب ، ومحمد بن خالد بن خلي ، وعبد الله بن عبد الأعلى ، وأبو الأخيل من ذرية سلف بن يقطن ، وهم بطن من الكلاع ، والكلاع قبيلة من حمير .

                                                                                      وبكسر وسكون : إسماعيل بن عباد السلفي القطان ، عن عباد الرواجني منسوب إلى درب السلفي ، وهو من قطيعة الربيع ببغداد .

                                                                                      وبفتحتين وقاف : أبو عمرو أحمد بن روح السلقي ، هجاه البحتري .

                                                                                      [ ص: 7 ] وبزيادة ياء : إسماعيل بن علي السيلقي من كبار مشيخة السلفي صاحب الترجمة .

                                                                                      ولد الحافظ أبو طاهر في سنة خمس وسبعين أو قبلها بسنة ، وهذا مطابق لما رواه أبو الحسن محمد بن أحمد القطيعي في " تاريخه " ، قال : سمعت الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بعد عوده من عند السلفي يقول : سألته عن مولده ، فقال : أنا أذكر قتل نظام الملك -يعني الوزير الذي وقف المدرسة النظامية ببغداد - وكان عمري نحو عشر سنين ; قتل سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، وقد كتب عني بأصبهان أول سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة ، وأنا ابن سبع عشرة سنة أو أكثر أو أقل بقليل ، وما في وجهي شعرة ، كالبخاري -رحمه الله- يعني لما كتبوا عنه .

                                                                                      وقال الإمام أبو شامة سمعت شيخنا علم الدين السخاوي يقول : سمعت يوما أبا طاهر السلفي ينشد لنفسه ما قاله قديما :

                                                                                      أنا من أهل الحدي ث وهم خير فئة     جزت تسعين وأر
                                                                                      جو أن أجوزن المائة

                                                                                      قال : فقيل له : قد حقق الله رجاءك ، فعلمت أنه قد جاز المائة ، وذلك في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة .

                                                                                      وقد ذكر غير واحد أن السلفي ممن نيف على المائة عام ، حتى إن تلميذه الوجيه عبد العزيز بن عيسى قال : مات وله مائة وست سنين .

                                                                                      [ ص: 8 ] وأول سماع حضره السلفي متفرجا مع الصبيان مجلس رزق الله التميمي الحنبلي ، إذ قدم عليهم رسولا أصبهان ، فقال السلفي -فيما قرأته على عبد المؤمن الحافظ - أخبرنا ابن رواج ، أخبرنا السلفي ، قال : شاهدت رزق الله يوم دخوله إلى البلد ، وكان يوما مشهودا كالعيد ، بل أبلغ في المزيد ، وحضرت مجلسه في الجامع الجورجيري وقال لي أحمد بن معمر العبدي : قد استجزته لك في جملة من كتبت من صبياننا .

                                                                                      قال السلفي في معجم أصبهان الواعظة أروى بنت محمد هي ابنة عم جدتي فاطمة الشعبية مقدمة الواعظات ، رأيتها وحضرت عندها كثيرا ، وقد سمعت من أبي سعد الماليني ، والنقاش ، وماتت سنة ثمانين وأربعمائة .

                                                                                      وقال : أول من سمعت منه وكتبت عنه محمد بن محمد بن عبد الرحمن المديني سمع في سنة تسع وأربعمائة من أحمد بن عبد الرحمن اليزدي .

                                                                                      وسمع السلفي كثيرا من الرئيس أبي عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي ، وله سماع في سنة ثلاث وأربعمائة . ومات هو والمديني عام تسعة وثمانين . وسمع أيضا بأصبهان من رئيس المؤذنين أبي مسعود محمد [ ص: 9 ] وأحمد ابني عبد الله السوذرجاني رويا له عن علي بن ميلة .

                                                                                      وسمع من أبي بكر محمد بن عبد الواحد بن محمد ، وقال : لم يمت أحد من شيوخي قبله ، ولا حدثنا عن أبي منصور بن مهربزد صاحب أبي علي الصحاف سواه . قال : وأخبرنا محمد بن علي الكاغدي عن علي بن ميلة .

                                                                                      وحدث السلفي عن أبي مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف صاحب ابن مردويه ، وعن محمد بن عبد الجبار القوساني ، وأبي طالب أحمد بن أبي هاشم الكندلاني وأحمد بن عبد الغفار بن أشته وإسماعيل بن علي السيلقي وأبي الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن سليم المؤدب ، وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد وتلا عليه إلى الخواتيم وعبد الرحمن بن محمد بن يوسف النصري السمسار بقية أصحاب الجرجاني ، وسعيد بن محمد بن يحيى الجوهري صاحب ابن ميلة .

                                                                                      ومكي بن منصور الكرجي السلار صاحب القاضي أبي بكر الحيري وأبي سعد محمد بن محمد المطرز ، وتلا عليه ختمة وأبي الفتح محمد بن أحمد بن الحارث الأخرم صاحب غلام محسن ، والحافظ أحمد بن محمد بن الحافظ أبي بكر بن مردويه ، والحافظ أحمد بن محمد بن بشرويه وسمع منه معجمه وأحمد بن محمد بن قولويه ، والمقرئ إسماعيل بن الحسن العلوي .

                                                                                      [ ص: 10 ] والمحدث بندار بن محمد الخلقاني وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن بليزة الخرقي وتلا عليه لقنبل عن قراءته في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة على ابن زنجويه ، وأبي حفص عمر بن الحسن بن محمد بن سليم المعلم ، صاحب غلام محسن ، وأبي نصر الفضل بن علي الحنفي ، صاحب ابن ميلة ، وأبي القاسم الفضل بن علي السكري ، صاحب أبي بكر بن أبي علي الذكواني ، وفضلان بن عثمان القيسي ، صاحب الذكواني أيضا ، وأبي علي المطهر بن بطة روى عن الحمال ، ولاحق بن محمد التميمي ، يروي عن الفضل بن شهريار ، وتلا لقالون أيضا على أبي سعد نصر بن محمد الشيرازي ، صاحب أبي الفضل الرازي في خلق كثير من أصحاب أبي نعيم وابن ريذة . ونزل إلى الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل الطلحي والفضل بن محمد الديلمي ، وعدة .

                                                                                      وسمع من النساء بأصبهان ، من أم سعد أسماء بنت أحمد بن عبد الله بن أحمد ، تروي عن ابن عبدكويه ، والجمال ، وابن أبي علي ، ومن أمة العزيز بنت محمد بن الجنيد ، سمعت الجمال ، ومن سارة أخت شيخه أبي طالب الكندلاني ، وفاطمة بنت ماجه ، تروي عن أبي سعيد بن حسنويه ، ومن لامعة بنت سعيد البقال ، وقد سمعوا منها في حياة أبي نعيم الحافظ ، فعمل معجم شيوخه الأصبهاني في مجلد كبير .

                                                                                      [ ص: 11 ] وارتحل ، وله أقل من عشرين سنة ، فدخل بغداد ولحق بها أبا الخطاب بن البطر ، وسمع منه نحوا من عشرين جزءا ، كان يتفرد بها ، فتفرد هو بها عنه ; كالدعاء للمحاملي ، والأجزاء المحامليات الثلاثة .

                                                                                      وسمع من أبي بكر أحمد بن علي الطريثيثي ، والحسين بن علي بن البسري ، وثابت بن بندار ، وأبي سعد الحسين بن الحسين الفانيدي ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن عمر السمناني ، وعلي بن محمد بن العلاف الحاجب ، وعلي بن الحسين الربعي ، وأبي الخطاب بن الجراح ، وقاضي الموصل أبي نصر محمد بن علي بن ودعان صاحب تيك الأربعين المكذوبة ، والمبارك بن عبد الجبار بن الطيوري ، وجعفر بن أحمد السراج ، والمعمر بن محمد الحبال ، ومنصور بن بكر بن محمد بن حيد وأبي الفضل محمد بن محمد بن محمد بن الصباغ ، وأبي طاهر محمد بن أحمد بن قيداس ، وأبي البركات محمد بن المنذر بن طيبان وأبي البركات محمد بن عبد الله الوكيل ، وأبي منصور الخياط ، وأبي سعد محمد بن عبد الملك الأسدي . وأبي ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط ، والشريف محمد بن عبد السلام الأنصاري ، وأبي سعد محمد بن عبد الملك بن خشيش ، وأبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني ، وعلي بن الخل البزاز ، وأبي تراب عبد الخالق بن محمد بن خلف المؤدب ، صاحب هبة [ ص: 12 ] الله اللالكائي وأحمد بن سوسن التمار ، والحافظ أبي علي البرداني والحافظ شجاع بن فارس الذهلي ، والحافظ مؤتمن بن أحمد الساجي ، والمفيد أبي محمد ابن الآبنوسي ، والحافظ أبي عامر العبدري ، وخلق كثير عمل لهم المعجم في مجلد تام فيهم عدد من أصحاب ابن غيلان والجوهري . ونزل إلى أصحاب أبي الحسين بن النقور .

                                                                                      وجالس في الفقه إلكيا الهراسي ، ويوسف بن علي الزنجاني ، وأبا بكر الشاشي .

                                                                                      وأخذ الأدب عن أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي .

                                                                                      ولم يتفق له لقي أبي حامد الغزالي فإنه كان قد فارق بغداد وحج وقدم الشام ثم ارتحل منها إلى خراسان .

                                                                                      لم يسمع ببغداد من النساء سوى ثماني شيخات ، وسافر منها بعد أربع سنين . وسمع بالكوفة من أبي البقاء الحبال وجماعة .

                                                                                      وحج فسمع بمكة من أبي شاكر العثماني صاحب أبي ذر الحافظ ، ومن الحسين بن علي الطبري الفقيه . وبالمدينة من أبي الفرج القزويني . ورد إلى بغداد فأقام بها عامين مكبا على العلم والفضائل .

                                                                                      ثم ارتحل سنة خمسمائة فسمع من محمد بن جعفر العسكري وطائفة [ ص: 13 ] بالبصرة ، ومن المفتي أبي بكر أحمد بن محمد بن زنجويه صاحب أبي علي بن شاذان بزنجان ومن أبي غالب محمد بن أحمد العدل صاحب ابن شبانة بهمذان ، ومن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد العزيز الشافعي بأبهر ، ومن أبي نعيم محمد بن علي بن زبزب بواسط ، ومن أبي القاسم محمد بن سعادة الهلالي بسلماس ومن محمد بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن فدويه الكوفي بالحلة .

                                                                                      ومن أبي سعد أحمد بن الخصيب الخانساري بجرباذقان ، ومن أحمد بن إسحاق الأديب بساوة ، ومن قاضي الدينور أبي طالب نصر بن الحسين بالدينور ، ومن موحد بن محمد بن عبد الواحد القاضي بتستر ، ومن أبي طاهر حمد بن محمد بن عمر الكوسج بالكرج ، ومن راشد بن علي المقرئ بالأهواز ، ومن أحمد بن عمر بن محمد بن ناتان بتفليس ، ومن محمد بن أحمد بن مهدي السرنجي بنصيبين ، ومن أبي طاهر أحمد بن علي بشابرخواست .

                                                                                      ومن أبي نصر عبد الواحد بن محمد بالكنكور ومن أبي الفتح أحمد بن محمد بن رشيد الأدمي بشهرستان ، ومن أبي تمام محمد بن محمد بن بنبق بالنعمانية ، ومن القاضي مسعود بن علي الملحي بأردبيل ، ومن القاضي سالم بن محمد [ ص: 14 ] العمراني بآمد ، ومن القاضي عبد الجبار بن سعد بالأشتر .

                                                                                      ومن أبي الفتح أحمد بن محمد بن حامد الحراني بماكسين ، ومن القاضي عبد الكريم بن حمد الجرجاني بمأمونية زرند ، ومن قاضي نهر الدير عبد الواحد بن أحمد بها ومن ميمون بن عمر البابي الفقيه بباب الأبواب ، ومن أبي صادق المديني بمصر ، ومن القاضي أبي المحاسن الروياني بالري ، ومن القاضي إسماعيل بن عبد الجبار الماكي بقزوين ، ومن أبي علان سعد بن علي المضري بمراغة ، ومن أبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي بالإسكندرية ، ومن خلق كثير بها ، ومن أبي طاهر محمد بن الحسين الحنائي بدمشق ، ومن أبي منصور محمد بن عبد الواحد بن غزو بنهاوند .

                                                                                      وسمع بأبهر من أبي العلاء أحمد بن إسماعيل الطباخي بسماعه من جده لأمه محمد بن عبد العزيز في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة .

                                                                                      وسمع بصور من أبي الفضل أحمد بن الحسين الكاملي المستملي عن عمر بن أحمد الآمدي .

                                                                                      وسمع بقزوين من الخليل بن عبد الجبار التميمي راوي نسخة فليح .

                                                                                      وسمع بصريفين واسط من رجب بن محمد الشروطي ، وبميافارقين من مفتيها شريف بن فياض ، وبالرحبة من أبي منصور ضبة بن أحمد [ ص: 15 ] القضاعي الشروطي ، وبالدون من عبد الرحمن بن حمد السفياني ، وبالفرك من بدر بن دلف الفركي ، وبقرقيسيا علي بن إبراهيم الخطيبي ، وبقرميسين علي بن منير الحراني ، وبشروان علي بن أحمد بن علي المفضض ولينه ، وبزرند عبد الرزاق بن حسن ، وبأبهر أيضا من رئيسها عبد الوارث بن محمد الأسدي بسماعه من أبيه في سنة تسع عشرة وأربعمائة ; أخبرنا علي بن لؤلؤ الوراق ، وبالفاروث من عسكر بن حسن بن سنبر ، وبمدينة القصر من غالب بن علي ، وبفيد من فرج بن إبراهيم ، وبعرابان كلاب بن حواري التنوخي عن رجل عن آخر عن عبد الغافر الفارسي ، وبداريا محمد بن علي بن حجيجة ، وبعسكر مكرم المبارك بن محمد بن منصور الديباجي ، وبحاني مباركة بنت أبي الحسن الحنبلية ، وبثغر نشوى مفرج بن أبي عبد الله ، وبالدونق نصر بن منصور [ ص: 16 ] الدونقي وبالزز من مانكيل بن محمد ، وبتدمر أبياتا من وهيب التميمي ، وبسراي دار مملكة أزبك خان ، من عبد الله بن علي السفني .

                                                                                      وسمع بماردين ، وسهرورد ، ودبيل ، وجويث وخلاط ، وقهج ، وغير ذلك ، وأفرد من ذلك الأربعين البلدية .

                                                                                      وأملى مجالس بسلماس وهو شاب ، وانتخب على غير واحد عن المشايخ ، كتب العالي والنازل ، ونسخ من الأجزاء ما لا يحصى كثرة ، فكان ينسخ الجزء الضخم في ليلة . وخطه متقن سريع لكنه معلق مغلق .

                                                                                      وبقي في الرحلة ثمانية عشر عاما ، يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر .

                                                                                      وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة ، فأقام بها سنتين يكتب العلم مقيما بالخانقاه . وقد جمعوا له من جزازه وتعاليقه " معجم السفر " في مجلد كبير .

                                                                                      ثم استوطن ثغر الإسكندرية بضعا وستين سنة وإلى أن مات ، [ ص: 17 ] ينشر العلم ويحصل الكتب التي قل ما اجتمع لعالم مثلها في الدنيا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية