الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      زفر بن الهذيل

                                                                                      العنبري ، الفقيه المجتهد الرباني ، العلامة أبو الهذيل بن الهذيل بن قيس بن سلم . [ ص: 39 ]

                                                                                      قال أبو نعيم الحافظ : كان أبوه بأصبهان في دولة يزيد بن الوليد ، فكان له ثلاثة أولاد : زفر ، وهرثمة ، وكوثر .

                                                                                      قلت : ولد سنة عشر ومائة وحدث عن الأعمش ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وأبي حنيفة ، ومحمد بن إسحاق ، وحجاج بن أرطاة ، وطبقتهم .

                                                                                      حدث عنه حسان بن إبراهيم الكرماني ، وأكثم بن محمد والد يحيى بن أكثم ، وعبد الواحد بن زياد ، وأبو نعيم الملائي والنعمان بن عبد السلام التيمي ، والحكم بن أيوب ، ومالك بن فديك ، وعامتهم من رفقائه وأقرانه ، لأنه مات قبل أوان الرواية .

                                                                                      قال أبو نعيم الملائي : كان ثقة مأمونا ، وقع إلى البصرة في ميراث له من أخته ، فتشبث به أهل البصرة ، فلم يتركوه يخرج من عندهم .

                                                                                      وذكره يحيى بن معين ، فقال : ثقة مأمون .

                                                                                      قلت : هو من بحور الفقه ، وأذكياء الوقت . تفقه بأبي حنيفة ، وهو أكبر تلامذته ، وكان ممن جمع بين العلم والعمل ، وكان يدري الحديث ويتقنه .

                                                                                      قال علي بن مدرك ، عن الحسن بن زياد الفقيه ، قال : كان زفر ، وداود الطائي متواخيين ، فأما داود فترك الفقه وأقبل على العبادة ، وأما زفر فجمعهما .

                                                                                      وقال الحسن بن زياد اللؤلئي : ما رأيت فقيها يناظر زفر إلا رحمته . [ ص: 40 ]

                                                                                      وقال أبو نعيم : كنت أمر على زفر ، فيقول : تعال حتى أغربل لك ما سمعت .

                                                                                      قال أبو عاصم النبيل : قال زفر : من قعد قبل وقته ، ذل .

                                                                                      قال أبو نعيم : كنت أعرض الأحاديث على زفر ، فيقول : هذا ناسخ ، هذا منسوخ ، هذا يؤخذ به ، هذا يرفض .

                                                                                      قلت : كان هذا الإمام منصفا في البحث متبعا .

                                                                                      قال عبد الرحمن بن مهدي : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : لقيت زفر - رحمه الله - فقلت له : صرتم حديثا في الناس وضحكة . قال : وما ذاك ؟ قلت : تقولون : ادرءوا الحدود بالشبهات ثم [ ص: 41 ] جئتم إلى أعظم الحدود ، فقلتم : تقام بالشبهات . قال : وما هو ؟ قلت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يقتل مسلم بكافر فقلتم : يقتل به - يعني بالذمي - . قال : فإني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه .

                                                                                      قلت : هكذا يكون العالم وقافا مع النص .

                                                                                      قال ابن سعد مات زفر سنة ثمان وخمسين ومائة ولم يكن في الحديث بشيء .

                                                                                      قلت : قد حكم له إمام الصنعة بأنه ثقة مأمون .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية