الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      سليمان بن حرب ( ع )

                                                                                      ابن بجيل ، الإمام الثقة الحافظ ، شيخ الإسلام أبو أيوب الواشحي الأزدي ، البصري ، قاضي مكة .

                                                                                      أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وغيره إجازة ، قالوا : أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا هبة الله بن محمد ، أخبرنا ابن غيلان ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي موسى ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سمع بي من يهودي أو نصراني ، ثم لم يسلم ، دخل النار " .

                                                                                      حدث عن : شعبة ، وحوشب بن عقيل ، والأسود بن شيبان ، ويزيد [ ص: 331 ] بن إبراهيم ، ومبارك بن فضالة ، وحماد بن سلمة ، وبسطام بن حريث ، والسري بن يحيى ، وجرير بن حازم ، وسليمان بن المغيرة ، وسلام بن أبي مطيع ، ومحمد بن طلحة بن مصرف وعدة .

                                                                                      وعنه : البخاري ، وأبو داود ، والحميدي ، ومات قبله ، وعمرو بن علي الفلاس ، ويحيى بن موسى خت ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، والحسن بن علي الخلال ، وحجاج بن الشاعر ، وأحمد بن سعيد الدارمي ، وعباس الدوري ، وعبد بن حميد ، والدارمي ، وأبو زرعة ، ومحمد بن الضريس ، وأبو مسلم الكجي ، وأبو خليفة ، وخلق كثير ، ومن القدماء : يحيى بن سعيد القطان ، وأحمد بن حنبل .

                                                                                      قال أبو حاتم : سليمان بن حرب إمام من الأئمة ، كان لا يدلس ، ويتكلم في الرجال ، وفي الفقه وليس بدون عفان ، ولعله أكبر منه ، وقد ظهر له نحو من عشرة آلاف حديث ، وما رأيت في يده كتابا قط ، وهو أحب إلي من أبي سلمة التبوذكي في حماد بن سلمة وفي كل شيء ، ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد ، فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل ، وكان مجلسه عند قصر المأمون ، فبنى له شبه منبر ، فصعد سليمان ، وحضر حوله جماعة من القواد عليهم السواد ، والمأمون فوق قصره ، وقد فتح باب القصر ، وقد أرسل ستر شف وهو خلفه ، وكتب ما يملي . فسئل سليمان أول شيء حديث حوشب بن عقيل ، فلعله قد قال : حدثنا حوشب بن عقيل أكثر من عشر مرات ، وهم يقولون : لا نسمع ، فقام مستمل ومستمليان وثلاثة ، كل ذلك يقولون : لا نسمع ، حتى قالوا : ليس الرأي إلا أن يحضر هارون المستملي ، فلما حضر قال : من ذكرت ؟ فإذا صوته خلاف الرعد ، فسكتوا ، وقعد المستملون كلهم ، فاستملى هارون ، وكان [ ص: 332 ] لا يسأل عن حديث إلا حدث من حفظه . وسئل عن حديث فتح مكة ، فحدثنا به من حفظه ، فقمنا فأتينا عفان ، فقال : ما حدثكم أبو أيوب ؟ فإذا هو يعظمه .

                                                                                      قال أبو حاتم الرازي أيضا : كان سليمان بن حرب قل من يرضى من المشايخ ، فإذا رأيته قد روى عن شيخ ، فاعلم أنه ثقة .

                                                                                      قال يعقوب الفسوي : سمعت سليمان بن حرب يقول : طلبت الحديث سنة ثمان وخمسين ومائة ، واختلفت إلى شعبة ، فلما مات جالست حماد بن زيد تسع عشرة سنة حتى مات ، وأعقل موت ابن عون ، وكنت لا أكتب عن حماد بن زيد حديث ابن عون ، كنت أقول : رجل قد أدركت موته ، ثم إني كتبته بعد .

                                                                                      قال محمد بن يحيى الصولي : حدثنا المقدمي القاضي ، حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن أكثم ، قال : قال لي المأمون : من تركت بالبصرة ؟ فوصفت له مشايخ منهم سليمان بن حرب ، وقلت : هو ثقة حافظ للحديث ، عاقل ، في نهاية الستر والصيانة ، فأمرني بحمله إليه ، فكتبت إليه في ذلك ، فقدم ، فاتفق أني أدخلته إليه ، وفي المجلس ابن أبي دؤاد ، وثمامة ، وأشباه لهما ، فكرهت أن يدخل مثله بحضرتهم ، فلما دخل ، سلم ، فأجابه المأمون ، ورفع مجلسه ، ودعا له سليمان بالعز والتوفيق ، فقال ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين ، نسأل الشيخ عن مسألة ؟ فنظر المأمون إليه نظر تخيير له ، فقال سليمان : يا أمير المؤمنين ، حدثنا حماد بن زيد قال : قال [ ص: 333 ] رجل لابن شبرمة : أسألك ؟ قال : إن كانت مسألتك لا تضحك الجليس ، ولا تزري بالمسئول ، فسل ، وحدثنا وهيب قال : قال إياس بن معاوية : من المسائل ما لا ينبغي للسائل أن يسأل عنها ، ولا للمجيب أن يجيب فيها . فإن كانت مسألته من غير هذا ، فليسأل ، وإن كانت من هذا فليمسك . قال : فهابوه ، فما نطق أحد منهم حتى قام ، وولاه قضاء مكة ، فخرج إليها .

                                                                                      قال أحمد بن سنان : حدثنا المسعري قال : جاء رجل إلى سليمان بن حرب ، فقال : إن مولاك فلانا مات ، وخلف قيمة عشرين ألف درهم ، قال : فلان أقرب إليه مني ، المال لذاك دوني . قال : وهو يومئذ محتاج إلى درهم .

                                                                                      قال الخطيب : ولي سليمان قضاء مكة سنة أربع عشرة ومائتين ، ثم عزل سنة تسع عشرة ومائتين .

                                                                                      أنبأنا ابن علان وطائفة سمعوا أبا اليمن الكندي ، أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب ، أخبرنا البرقاني ، حدثنا الحسين بن علي التميمي ، حدثنا أبو عوانة الإسفراييني ، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي ، سمعت علي بن المديني سنة عشرين ومائتين ، وقد ذكر له سليمان بن حرب ، فجعل يكثره ، فقال : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، قال : ما أخاف على أيوب وابن عون إلا الحديث .

                                                                                      [ ص: 334 ] أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود يقول : كان سليمان بن حرب يحدث بحديث ، ثم يحدث به كأنه ليس ذاك .

                                                                                      قال الخطيب : كان يحدث على المعنى ، فتتغير ألفاظ الحديث في روايته .

                                                                                      قال الإمام أحمد : كتبنا عن سليمان بن حرب وابن عيينة حي .

                                                                                      قال يعقوب بن شيبة : حدثنا سليمان بن حرب ، وكان ثقة ثبتا ، صاحب حفظ .

                                                                                      وقال النسائي : ثقة مأمون .

                                                                                      وقال البخاري : قال سليمان بن حرب : ولدت في صفر سنة أربعين ومائة .

                                                                                      وقال ابن سعد وغيره : رجع من مكة ، وصرف من قضائها ، ومات بالبصرة في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومائتين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية