الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      علي بن مسهر ( ع )

                                                                                      العلامة الحافظ أبو الحسن ، القرشي ، الكوفي قاضي الموصل أخو قاضي جبل عبد الرحمن بن مسهر ، ذاك المغفل الذي بلغه أن المأمون قادم على ناحية جبل ، فكلم أهل جبل ليثنوا عليه عند المأمون ، فوجد منهم فتورا ، وأخلفوه الموعد فلبس ثيابه ، وسرح لحيته ، ووقف على جانب دجلة ، فلما حاذاه المأمون ، سلم بالخلافة وقال : يا أمير المؤمنين ، نحن في عافية وعدل بقاضينا ابن مسهر . فغلب الضحك [ ص: 485 ] على يحيى بن أكثم ، فعجب منه المأمون وقال : ما بك . قال : يا أمير المؤمنين ، إن الذي يبالغ في الثناء على قاضي جبل هو القاضي . فضحك المأمون كثيرا ، ثم قال ليحيى : اعزل هذا فإنه أحمق . فأما علي هذا ، فكان من مشايخ الإسلام . ولد في حدود العشرين ومائة .

                                                                                      سمع : يحيى بن سعيد الأنصاري ، ومطرف بن طريف ، وهشام بن عروة ، وعاصما الأحول ، والمختار بن فلفل ، والأعمش ، وأبا إسحاق الشيباني ، وأبا حيان التيمي ، وداود بن أبي هند ، وأجلح بن عبد الله ، وأشعث بن سوار ، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وزكريا بن أبي زائدة ، وسعد بن طريف الإسكاف ، وعبيد الله بن عمر ، وموسى الجهني ، ويزيد بن أبي زياد ، وأبا مالك الأشجعي ، وخلقا كثيرا .

                                                                                      حدث عنه : خالد بن مخلد ، وزكريا بن عدي ، ومعلى بن منصور الرازي ، وفروة بن أبي المغراء ، وإسماعيل بن أبان الوراق ، وإسماعيل بن الخليل ، وبشر بن آدم الضرير ، والسري السقطي ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وسهل بن عثمان ، وسويد بن سعيد ، وعبد الله بن عامر بن زرارة ، وعلي بن حجر ، وعثمان بن أبي شيبة ، وعلي بن حكيم الأودي ، وعلي بن سعيد بن مسروق ، ومحرز بن عون ، ومحمد بن عبيد المحاربي ، ومنجاب بن الحارث ، وأبو همام السكوني ، وهناد ، وخلق سواهم .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : هو أثبت من أبي معاوية في الحديث .

                                                                                      وقال عثمان بن سعيد : قلت لابن معين : علي بن مسهر أحب إليك أو أبو خالد الأحمر ؟ . فقال : علي أحب إلي . قلت : فعلي ويحيى بن أبي [ ص: 486 ] زائدة ؟ فقال : كلاهما ثقتان .

                                                                                      قال يحيى بن معين : قال عبد الله بن نمير : كان علي بن مسهر يجيئني فيسألني : كيف حديث كذا ؟ وكان قد دفن كتبه . قال يحيى : علي أثبت من ابن نمير .

                                                                                      وقال أحمد بن عبد الله العجلي : علي بن مسهر قرشي من أنفسهم ، كان ممن جمع الحديث والفقه ، ثقة . وقال شيخنا أبو الحجاج : هو من خزيمة بن لؤي بن غالب ، وهم عائذة قريش . وقال أبو زرعة : صدوق ثقة .

                                                                                      وعن يحيى بن معين قال : ولي قضاء إرمينية ، فلما سار إليها ، اشتكى عينه ، فجعل يختلف إليه متطبب . فقال القاضي الذي كان بإرمينية : أكحله بشيء يذهب عينه حتى أعطيك كذا وكذا ، فكحله بشيء ، فذهبت عينه فرجع إلى الكوفة أعمى .

                                                                                      قال أبو بكر بن منجويه : مات سنة تسع وثمانين ومائة .

                                                                                      أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن الشيخ عبد القادر الجيلي ، أخبرنا سعيد بن أحمد ، أخبرنا علي بن أحمد البندار ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا عثمان ، حدثنا علي بن مسهر قاضي الموصل ، عن سعد بن طارق ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إن حوضي لأبعد من أيلة وعدن ، والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد النجوم ، وهو أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، [ ص: 487 ] والذي نفسي بيده إني لأذود عنه الرجال كما يذود الرجل الغريبة من الإبل عن حوضه . قال : قيل : يا رسول الله ، وهل تعرفنا يومئذ ؟ قال : نعم ، تردون علي غرا محجلين من آثار الوضوء ، ليست لأحد غيركم هذا حديث صحيح أخرجه مسلم وابن ماجه ، عن عثمان وهو ابن أبي شيبة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية