الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قبيصة بن عقبة ( ع )

                                                                                      بن محمد بن سفيان بن عقبة بن ربيعة بن جنيدب بن رباب بن [ ص: 131 ] حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة ، الحافظ الإمام الثقة العابد أبو عامر السوائي الكوفي .

                                                                                      حدث عن : عيسى بن طهمان ، ومالك بن مغول ، وعاصم بن محمد العمري ، ويونس بن أبي إسحاق ، ومسعر ، وشعبة ، وورقاء ، وحمزة الزيات ، وإسرائيل ، وسفيان الثوري فأكثر عنه ، وصفوان بن أبي الصهباء ، ووهب بن إسماعيل ، وأبي الأشهب العطاردي ، وخلق .

                                                                                      وما أظنه ارتحل في الحديث ، وكان من أوعية العلم .

                                                                                      حدث عنه : أحمد بن حنبل ، وعثمان بن أبي شيبة ، وهناد ، ومحمود بن غيلان ، وهارون الحمال ، وأبو قدامة السرخسي ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، والبخاري في " صحيحه " ، وأبو زرعة الرازي ، وأبو أمية الطرسوسي ، وعباس الدوري ، وأحمد بن سليمان الرهاوي ، وأحمد بن عبيد الله النرسي ، وإسحاق بن سيار النصيبي ، وجعفر بن محمد بن شاكر ، والحارث بن أبي أسامة ، وحفص بن عمر سنجه ، وحنبل بن إسحاق ، وابنه عقبة ، وخلق كثير . وطلب العلم وهو حدث .

                                                                                      قال يحيى بن آدم : هو أصغر مني بسنتين .

                                                                                      قال يحيى بن معين من طريق أحمد بن أبي خيثمة عنه : قبيصة ثقة في كل شيء إلا في حديث سفيان ، فليس بذاك القوي ، فإنه سمع منه وهو صغير .

                                                                                      [ ص: 132 ] وقال الفسوي ، عن يحيى بن معين : قبيصة أكبر من يحيى بن آدم بشهرين ، وسمعت قبيصة يقول : شهدت عند شريك ، فامتحنني في شهادتي ، فذكرت ذلك لسفيان ، فأنكر على شريك ، وقال : لم يكن له أن يمتحنه ، وصليت بسفيان الفريضة .

                                                                                      وقال أحمد بن أبي الحواري : قلت للفريابي : أرأيت قبيصة عند سفيان ؟ قال : نعم ، رأيته صغيرا . وقال محمد بن عبد الله بن نمير : لو حدثنا قبيصة عن النخعي لقبلنا منه .

                                                                                      وقال ابن أبي حاتم : سئل أبو زرعة ، عن قبيصة وأبي نعيم ، فقال : كان قبيصة أفضل الرجلين ، وأبو نعيم أتقنهما ، ولم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري ، وسوى يحيى الحماني في حديث شريك وعلي بن الجعد في حديثه .

                                                                                      وقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود ، عن قبيصة ، وعبيد الله بن موسى ، فقال : قبيصة أسلم من عبيد الله ، كان قبيصة وأبو عامر وأبو حذيفة لا يحفظون ، ثم حفظوا بعد .

                                                                                      وقال إسحاق بن سيار : ما رأيت في الشيوخ أحفظ من قبيصة .

                                                                                      [ ص: 133 ] وقال عبد الرحمن بن خراش : صدوق .

                                                                                      وقال النسائي وغيره : ليس به بأس .

                                                                                      وروى حنبل ، عن أبي عبد الله قال : كان كثير الغلط ، وكان صغيرا لا يضبط . قلت لأبي عبد الله : ففي غير سفيان ؟ قال : كان رجلا صالحا ثقة ، لا بأس به في بدنه ، وأي شيء لم يكن عنده ؟ يعني أنه كثير الحديث .

                                                                                      وقال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي ذكر قبيصة وأبا حذيفة ، فقال : قبيصة أثبت منه جدا -يعني في حديث سفيان - أبو حذيفة شبه لا شيء ، وقد كتبت عنهما جميعا .

                                                                                      وقال صالح جزرة : كان قبيصة رجلا صالحا تكلموا في سماعه من سفيان .

                                                                                      قلت : الرجل ثقة ، وما هو في سفيان كابن مهدي ووكيع ، وقد احتج به الجماعة في سفيان وغيره ، وكان من العابدين .

                                                                                      قال أحمد بن سلمة النيسابوري : سمعت هنادا يقول غير مرة ، إذا ذكر قبيصة : الرجل الصالح . وتدمع عيناه ، وكان هناد كثير البكاء .

                                                                                      وقال الفضل بن سهل الأعرج : كان قبيصة يحدث بحديث الثوري

                                                                                      [ ص: 134 ] على الولاء درسا درسا حفظا .

                                                                                      قال عبد الرحمن بن داود بن منصور الفارسي : سمعت حفص بن عمر قال : ما رأيت مثل قبيصة ما رأيته متبسما قط ، من عباد الله الصالحين .

                                                                                      قلت : كذا كان والله أهل الحديث ، العلم والعبادة ، واليوم فلا علم ولا عبادة ، بل تخبيط ولحن ، وتصحيف كثير ، وحفظ يسير ، وإذا لم يرتكب العظائم ، ولا يخل بالفرائض ، فلله دره .

                                                                                      قال جعفر بن حمدويه : كنا على باب قبيصة ، ومعنا دلف ابن الأمير أبي دلف ومعه الخدم ، يكتب الحديث ، فصار إلى باب قبيصة ، فدق عليه ، فأبطأ قبيصة ، فعاوده الخدم . وقيل له : ابن ملك الجبل على الباب ، وأنت لا تخرج إليه فخرج وفي طرف إزاره كسر من الخبز ، فقال : رجل قد رضي من الدنيا بهذا ، ما يصنع بابن ملك الجبل ؟ والله لا حدثته . فلم يحدثه .

                                                                                      قال هارون الحمال : سمعت قبيصة يقول : جالست الثوري وأنا ابن ست عشرة سنة ثلاث سنين .

                                                                                      ومن تعنت القاضي أبي الحسن بن القطان المغربي الحافظ عبد [ ص: 135 ] الحق ، قوله : يروي في " الأحكام " لقبيصة ، ولا يعرض له ، وهو عندهم كثير الخطأ .

                                                                                      قلت : قد قفز قبيصة القنطرة ، واحتجوا به ، فأرني الحديث المنكر الذي ينقم به على قبيصة .

                                                                                      قال السري بن يحيى التميمي ، وهارون بن حاتم ، ومطين ، وغيرهم : مات قبيصة سنة خمس عشرة ومائتين وشذ معاوية بن صالح الدمشقي ، بل وهم ، فقال : مات سنة ثلاث عشرة .

                                                                                      رووا له في الكتب الستة .

                                                                                      وهو أخو :

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية