الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 358 ] يزيد بن هارون ( ع )

                                                                                      ابن زاذي الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي الحافظ .

                                                                                      مولده في سنة ثمان عشرة ومائة .

                                                                                      وسمع من : عاصم الأحول ، ويحيى بن سعيد الأنصاري القاضي ، وسليمان التيمي ، وسعيد الجريري ، وحميد الطويل ، وداود بن أبي هند ، وبهز بن حكيم ، ومحمد بن عمرو بن علقمة ، وعبد الله بن عون ، وحريز بن عثمان ، وأبي الأشهب جعفر بن الحارث ، وسالم بن عبيد ، وشيبان النحوي ، وشعبة بن الحجاج ، ومبارك ، وعاصم بن محمد العمري ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وسعيد بن أبي عروبة ، ومحمد بن إسحاق ، وفضيل بن مرزوق ، وسفيان بن حسين ، وجويبر بن سعيد ، وشريك بن عبد الله ، وإسماعيل بن عياش ، وقيس بن الربيع ، وخلق كثير .

                                                                                      وكان رأسا في العلم والعمل ، ثقة حجة ، كبير الشأن .

                                                                                      حدث عنه بقية بن الوليد مع تقدمه ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن [ ص: 359 ] حنبل ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، والحسن بن عرفة ، وأبو إسحاق الجوزجاني ، وأحمد بن عبيد الله النرسي ، وأحمد بن عبيد بن ناصح ، وأحمد بن الوليد الفحام ، وإسحاق الكوسج ، والحسن بن علي الخلال ، والزعفراني ، وسلمة بن شبيب ، وسليمان بن سيف الحراني ، وعباس الدوري ، وعبد الله بن منير ، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام ، وعبد بن حميد ، وعبد الله الدارمي ، وأحمد بن الفرات ، وأحمد بن سنان ، وأحمد بن سليمان الرهاوي ، وأبو قلابة الرقاشي ، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي ، ويعقوب الدورقي ، والحسن بن مكرم ، والحارث بن أبي أسامة ، ومحمد بن مسلمة الواسطي ، ومحمد بن ربح البزاز ، وإدريس بن جعفر العطار ، وأحمد بن عبد الرحمن السقطي ، وهو خاتمة من روى عنه .

                                                                                      يقال : إن أصله من بخارى .

                                                                                      قال علي بن المديني : ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون .

                                                                                      وقال يحيى بن يحيى التميمي : هو أحفظ من وكيع .

                                                                                      وقال أحمد بن حنبل : كان يزيد حافظا متقنا .

                                                                                      وقال زياد بن أيوب : ما رأيت ليزيد كتابا قط ، ولا حدثنا إلا حفظا .

                                                                                      وقال علي بن شعيب : سمعت يزيد بن هارون يقول : أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بالإسناد ولا فخر ، وأحفظ للشاميين عشرين ألف [ ص: 360 ] حديث لا أسأل عنها .

                                                                                      قلت : لأنه أكثر إلى الغاية عن محدثي الشام : ابن عياش وبقية ، وكان ذاك نازلا عنده ، وإنما حسن سماع ذلك من أصحابهما في أيام أحمد بن حنبل ونحوه .

                                                                                      قال الفضيل بن زياد : سمعت أبا عبد الله وقيل له : يزيد بن هارون له فقه ؟ قال : نعم ، ما كان أذكاه وأفهمه وأفطنه .

                                                                                      قال أحمد بن سنان القطان : ما رأينا عالما قط أحسن صلاة من يزيد بن هارون ، لم يكن يفتر من صلاة الليل والنهار .

                                                                                      قال أبو حاتم الرازي : يزيد ثقة إمام ، لا يسأل عن مثله .

                                                                                      وروى عمرو بن عون ، عن هشيم ، قال : ما بالمصرين مثل يزيد بن هارون .

                                                                                      وقال مؤمل بن يهاب : سمعت يزيد بن هارون يقول : ما دلست حديثا قط إلا حديثا واحدا عن عوف الأعرابي ، فما بورك لي فيه .

                                                                                      عن عاصم بن علي قال : كنت أنا ويزيد بن هارون عند قيس بن الربيع ، فأما يزيد ، فكان إذا صلى العتمة ، لا يزال قائما حتى يصلي الغداة [ ص: 361 ] بذلك الوضوء نيفا وأربعين سنة .

                                                                                      وقال محمد بن إسماعيل الصائغ نزيل مكة : قال رجل ليزيد بن هارون : كم جزؤك ؟ قال : وأنام من الليل شيئا ؟ إذا لا أنام الله عيني .

                                                                                      وقال يحيى بن أبي طالب : سمعت من يزيد ببغداد ، وكان يقال : إن في مجلسه سبعين ألفا .

                                                                                      قلت : احتفل محدثو بغداد وأهلها لقدوم يزيد ، وازدحموا عليه لجلالته وعلو إسناده .

                                                                                      قال أحمد بن عبد الله العجلي : يزيد بن هارون ثقة ثبت متعبد حسن الصلاة جدا ، يصلي الضحى ست عشرة ركعة ، بها من الجودة غير قليل ، قال : وكان قد عمي .

                                                                                      قال أبو بكر بن أبي شيبة : ما رأيت أحدا أتقن حفظا من يزيد بن هارون .

                                                                                      قال أحمد بن سنان : كان يزيد وهشيم معروفين بطول صلاة الليل والنهار .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة : كان يزيد يعد من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر . [ ص: 362 ]

                                                                                      أنبأنا المسلم بن محمد وجماعة قالوا : أخبرنا زيد بن الحسن ، أخبرنا أبو منصور الشيباني ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أخبرنا أبو بكر الحيري ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، أخبرني الحسن بن شاذان الحافظ ، حدثني ابن عرعرة ، حدثني يحيى بن أكثم قال : قال لنا المأمون : لولا مكان يزيد بن هارون ، لأظهرت : القرآن مخلوق ، فقيل : ومن يزيد حتى يتقى ؟ فقال : ويحك إني لأرتضيه لا أن له سلطنة ، ولكن أخاف إن أظهرته ، فيرد علي ، فيختلف الناس ، وتكون فتنة .

                                                                                      العباس بن عبد العظيم ، وأحمد بن سنان ، عن شاذ بن يحيى ، سمع يزيد بن هارون يقول : من قال : القرآن مخلوق ، فهو زنديق .

                                                                                      وقد كان يزيد رأسا في السنة معاديا للجهمية ، منكرا تأويلهم في مسألة الاستواء .

                                                                                      وروى حمدويه بن الخطاب ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال : أصل يزيد بن هارون من بخارى .

                                                                                      وقال محمد بن عبد الرحيم صاعقة : كان يزيد يخضب خضابا قانيا .

                                                                                      قال يحيى بن معين : يزيد بن هارون مثل هشيم وابن علية .

                                                                                      وقال أحمد بن حنبل : سماع يزيد من ابن أبي عروبة ضعيف ، أخطأ في أحاديث . [ ص: 363 ]

                                                                                      قلت : إنما الضعف فيها من قبل سعيد بن أبي عروبة ; لأنه سمع منه بعد التغير .

                                                                                      وروى أحمد بن أبي خيثمة ، عن يحيى قال : يزيد بن هارون لا يميز ، ولا يبالي عمن روى .

                                                                                      وأحمد بن أبي خيثمة عن أبيه قال : كان يعاب على يزيد حيث ذهب بصره ، ربما سئل عن حديث لا يعرفه ، فيأمر جارية له تحفظه إياه من كتابه .

                                                                                      قلت : ما بهذا الفعل بأس مع أمانة من يلقنه ، ويزيد حجة بلا مثنوية .

                                                                                      قال محمد بن رافع : سمعت يحيى بن يحيى يقول : كان بالعراق أربعة من الحفاظ : شيخان : يزيد بن زريع ، وهشيم ، وكهلان : وكيع ، ويزيد بن هارون ، ويزيد أحفظهما .

                                                                                      الأبار : سمعت أحمد بن خالد يقول : سمعت يزيد بن هارون يقول : سمعت حديث الصور مرة ، فحفظته ، وأحفظ عشرين ألفا ، فمن شاء ، فليدخل فيها حرفا . [ ص: 364 ] وفي حكاية المأمون المذكورة زيادة ، قال : فخرج رجل - يعني من ناحية المأمون إلى واسط - قال : فجاء إلى يزيد ، فقال : أمير المؤمنين يقرئك السلام ، ويقول لك : أريد أن أظهر : القرآن مخلوق ، قال : كذبت على أمير المؤمنين ، فإنه لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه . وفي كتاب " ذم الكلام " أخبرنا محمد بن المنتصر الباهلي ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحسيني ، حدثنا محمد بن إبراهيم الصرام ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الغسيلي حدثنا عبد الوهاب بن الحكم قال : كان المأمون يسأل عن يزيد بن هارون يقول : ما مات ، وما امتحن الناس حتى مات يزيد . [ ص: 365 ]

                                                                                      قال أبو نافع سبط يزيد بن هارون : كنت عند أحمد بن حنبل - وعنده رجلان - فقال أحدهما : رأيت يزيد بن هارون في المنام ، فقلت له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، وشفعني ، وعاتبني ، وقال : أتحدث عن حريز بن عثمان ؟ فقلت : يا رب ما علمت إلا خيرا ، قال : إنه يبغض عليا - رضي الله عنه - . وقال الرجل الآخر : رأيته في المنام ، فقلت له : هل أتاك منكر ونكير ؟ قال : إي والله ، وسألاني : من ربك ؟ وما دينك ؟ فقلت : ألمثلي يقال هذا ، وأنا كنت أعلم الناس بهذا في دار الدنيا ؟ فقالا لي : صدقت .

                                                                                      أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الهمذاني بمصر ، أخبرنا أبو هريرة محمد بن الليث بن شجاع الوسطاني ، وزيد بن هبة الله البيع ببغداد قالا : أخبرنا أبو القاسم أحمد بن المبارك ، أخبرنا قفرجل ، أخبرنا عاصم بن الحسن ، أخبرنا عبد الواحد بن محمد ، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي إملاء ، حدثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا زكريا ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض . [ ص: 366 ]

                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل ، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا علي بن الحسين البزاز ، أخبرنا أبو علي بن شاذان ، أخبرنا أبو سهل بن زياد ، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا جعفر ، عن القاسم ، عن أبي أمامة الباهلي ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا حسن إسلام العبد تمم الله له عمله بسبعمائة ضعف .

                                                                                      قرأت على عبد المؤمن بن خلف الحافظ ، أخبرنا يحيى بن أبي السعود ، أخبرتنا شهدة الكاتبة ، أخبرنا الحسين بن أحمد ، أخبرنا أبو عمر بن مهدي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، حدثنا جدي ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا العوام بن حوشب ، عن [ ص: 367 ] سلمة بن كهيل ، عن علقمة ، عن خالد بن الوليد قال : كان بيني وبين عمار شيء فانطلق يشكو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل لا يزيده إلا غلظا ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساكت ، فبكى عمار ، وقال : يا رسول الله ، ألا تراه ؟ فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من أبغض عمارا ، أبغضه الله ، ومن عادى عمارا ، عاداه الله . قال خالد : فخرجت ، وليس شيء أحب إلي من رضى عمار ، فلقيته ، فرضي .

                                                                                      وبه إلى يعقوب : حدثنا عمرو بن مرزوق ، حدثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه ، عن الأسود ، قال : كان بين خالد وعمار كلام ، فشكاه خالد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من يعاد عمارا ، يعاده الله ، ومن يبغض عمارا يبغضه الله ، ومن يسب عمارا يسبه الله .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن عبد الحميد ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ، وعبد الرحمن بن إبراهيم قالا : أخبرتنا شهدة ، أخبرنا أبو عبد الله النعالي ، أخبرنا علي بن محمد ، أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز ، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، حدثنا يزيد ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من كانت له أرض وأراد بيعها ، فليعرضها على جاره . [ ص: 368 ]

                                                                                      أخبرنا يحيى بن أبي منصور ، وعبد الرحمن بن محمد كتابة قالا : أخبرنا عمر بن محمد المعلم ، أخبرنا هبة الله بن محمد ، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا أحمد بن عبيد الله ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى .

                                                                                      معناه : لا تشد الرحال إلى مسجد ؛ ابتغاء الأجر سوى المساجد الثلاثة ، فإن لها فضلا خاصا ، فمن قال : لم يدخل في النهي شد الرحل إلى زيارة قبر نبي أو ولي ، وقف مع ظاهر النص ، وأن الأمر بذلك والنهي خاص بالمساجد ، ومن قال بقياس الأولى ، قال : إذا كان أفضل بقاع الأرض مساجدها ، والنهي ورد فيها ، فما دونها في الفضل كقبور الأنبياء والصالحين أولى بالنهي ، أما من سار إلى زيارة قبر فاضل من غير شد رحل ، فقربة بالإجماع بلا تردد ، سوى ما شذ به الشعبي ونحوه ، فكان بلغهم النهي عن زيارة القبور ، وما علموا بأنه نسخ ذلك ، والله أعلم . [ ص: 369 ]

                                                                                      قال يعقوب بن شيبة : توفي يزيد بواسط في شهر ربيع الآخر سنة ست ومائتين .

                                                                                      قلت : يقع حديثه عاليا في " الغيلانيات " ومن ذلك حديث الأعمال بالنية وحديثه كثير جدا في مسند أحمد ، وفي الكتب الستة ، وفي أجزاء كثيرة .

                                                                                      قال أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود : سمعت أحمد بن سنان يقول : كان يزيد يكره قراءة حمزة كراهة شديدة .

                                                                                      قال المزي : يزيد بن هارون بن زاذي ، ويقال : زاذان بن ثابت ، كان جده مولى لأم عاصم امرأة عتبة بن فرقد ، فأعتقته ، قيل : أصله من بخارى ، روى عن أبان بن أبي عياش ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وإسماعيل بن مسلم المكي ، وأشعث بن سوار ، وأصبغ بن زيد ، وحجاج بن أرطاة ، وحجاج بن أبي زينب ، وحسين المعلم ، وعوف [ ص: 370 ] الأعرابي ، والعوام بن حوشب ، والعلاء بن زيدل وفائد أبي الورقاء ، وهشام بن حسان ، وأبي مالك الأشجعي ، وذكر خلقا قد مضوا ، وينزل إلى الرواية عن بقية بن الوليد ونحوه وسمى من الرواة عنه مائة وأربعة عشر نفسا .

                                                                                      روى أبو طالب ، عن أحمد قال : كان يزيد حافظا متقنا للحديث ، صحيح الحديث عن حجاح بن أرطاة ، قاهرا لها حافظا .

                                                                                      وقال ابن معين : ثقة .

                                                                                      وقال أبو زرعة : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول : ما رأيت أتقن حفظا من يزيد بن هارون . قال أبو زرعة : والإتقان أكبر من حفظ السرد .

                                                                                      وقال أبو حاتم : ثقة إمام صدوق ، لا يسأل عن مثله .

                                                                                      وقال أحمد بن سنان ، عن عفان : أخذ يزيد عن حماد بن سلمة حفظا ، وهي صحاح ، بها من الاستواء غير قليل ، ومدحها .

                                                                                      وقال أحمد بن سنان : ما رأيت عالما قط أحسن صلاة من يزيد بن هارون ، يقوم كأنه أسطوانة .

                                                                                      قال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث . ولد سنة ثمان عشرة ومائة وقال : طلبت الحديث ، وحصين حي ، كان ابن المبارك يقرأ عليه ، وكان قد نسي . [ ص: 371 ]

                                                                                      قال ابن سعد : وتوفي في خلافة المأمون ، وهو ابن تسع أو ثمان وثمانين سنة وأشهر - يعني سنة ست ومائتين .

                                                                                      وروى المروذي عن جعفر بن ميمون حكاية تدل على أن يزيد بن هارون كان صاحب مزاح ، وكان يتأدب بحضور الإمام ، ولا يمازحه .

                                                                                      وقد اعتل أحمد مرة ، فعاده يزيد ، ووصله بخمس مائة درهم ، فردها أحمد ، واعتذر .

                                                                                      قرأت على أحمد بن محمد الحافظ ، أخبركم ابن خليل ، أخبرنا مسعود الخياط ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو الفتح علي بن محمد التاني ، حدثنا ابن المقرئ ، سمعت أحمد بن عمرو بن جابر الرملي ، سمعت الحارث بن أبي أسامة يقول : كان يزيد بن هارون إذا جاءه من فاته المجلس ، قال : يا غلام ، ناوله المنديل .

                                                                                      وبه : قال ابن المقرئ ، سمعت ابن قتيبة ، سمعت مؤمل بن يهاب ، سمعت يزيد بن هارون يقول : اللهم لا تجعلنا من الثقلاء .

                                                                                      الطبراني : حدثنا المعمري ، سمعت خلف بن سالم يقول : كنا في مجلس يزيد بن هارون ، فمزح مع مستمليه ، فتنحنح أحمد بن حنبل ، فقال يزيد : من المتنحنح ؟ فقيل له : أحمد بن حنبل ، فضرب يزيد على جبينه ، وقال : ألا أعلمتموني أن أحمد هاهنا حتى لا أمزح .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية