أبو العاص بن الربيع 
ابن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي العبشمي .  [ ص: 331 ] 
صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوج بنته زينب  ، وهو والد أمامة  التي كان يحملها النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته . 
واسمه لقيط  ، وقيل : اسم أبيه ربيعة  ، وهو ابن أخت أم المؤمنين خديجة  ، أمه هي هالة بنت خويلد  ، وكان أبو العاص  يدعى جرو البطحاء . 
أسلم قبل الحديبية  بخمسة أشهر . 
قال المسور بن مخرمة   : أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي العاص  في مصاهرته خيرا وقال : حدثني فصدقني ، ووعدني ، فوفى لي وكان قد وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع إلى مكة  ، بعد وقعة بدر  ، فيبعث إليه  بزينب  ابنته ، فوفى بوعده ، وفارقها مع شدة حبه لها ، وكان من تجار قريش  وأمنائهم ، وما علمت له رواية .  [ ص: 332 ] 
ولما هاجر ، رد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجته زينب  بعد ستة أعوام على النكاح الأول وجاء في رواية أنه ردها إليه بعقد جديد ، وقد كانت زوجته لما أسر نوبة بدر  ، بعثت قلادتها لتفتكه بها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن رأيتم أن تطلقوا لهذه أسيرها فبادر الصحابة إلى ذلك . 
ومن السيرة أنها بعثت في فدائه قلادة لها كانت  لخديجة  أدخلتها بها ، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لها ، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها ؟ قالوا : نعم . وأطلقوه ، فأخذ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخلي سبيل زينب   - وكانت من المستضعفين من النساء - واستكتمه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وبعث  زيد بن حارثة   [ ص: 333 ] ورجلا من الأنصار  ، فقال : كونا ببطن يأجج  حتى تمر بكما زينب  ، فتصحبانها . وذلك بعد بدر  بشهر . 
فلما قدم أبو العاص  مكة  ، أمرها باللحوق بأبيها ، فتجهزت ، فقدم أخو زوجها كنانة   - قلت : وهو ابن خالتها - بعيرا ، فركبت ، وأخذ قوسه وكنانته نهارا ، فخرجوا في طلبها ، فبرك كنانة  ، ونثر كنانته بذي طوى  ، فروعها هبار بن الأسود  بالرمح ، فقال كنانة   : والله لا يدنو أحد إلا وضعت فيه سهما ، فقال أبو سفيان   : كف أيها الرجل عنا نبلك حتى نكلمك . فكف ، فوقف عليه ، فقال : إنك لم تصب ، خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية ، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا ، وما دخل علينا من محمد  ، فيظن الناس أن ذلك عن ذل أصابنا ، ولعمري ما بنا بحبسها عن أبيها من حاجة ، ارجع بها ، حتى إذا هدت الأصوات ، وتحدث الناس أنا رددناها ، فسلها سرا ، وألحقها بأبيها . قال : ففعل ، وخرج بها بعد ليال ، فسلمها إلى زيد  وصاحبه ، فقدما بها . 
فلما كان قبل الفتح ، خرج أبو العاص  تاجرا إلى الشام  بماله ومال كثير لقريش  ، فلما رجع لقيته سرية ، فأصابوا ما معه ، وأعجزهم هربا ، فقدموا بما أصابوا ، وأقبل هو في الليل حتى دخل على زينب  ، فاستجار بها فأجارته ، فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس في صلاة الصبح ، صرخت زينب  من صفة النساء : أيها الناس ، قد أجرت  أبا العاص بن الربيع   . وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السرية الذين أصابوا ماله ، فقال : إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالا ، فإن تحسنوا وتردوه ، فإنا نحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فيء الله ; فأنتم أحق به . قالوا : بل نرده . فردوه كله . 
ثم ذهب به إلى مكة  ، فأدى إلى كل ذي مال ماله ، ثم قال : يا معشر قريش  ، هل  [ ص: 334 ] بقي لأحد منكم عندي شيء ؟ قالوا : لا ، فجزاك الله خيرا . قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا  عبده ورسوله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا خوف أن تظنوا أني إنما أردت أكل أموالكم . ثم قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن ابن عباس  قال : رد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب  على النكاح الأول ، لم يحدث شيئا . 
				
						
						
