الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على الولد البالغ طاعة والديه في التداوي عند أخصائي نفسي؟

السؤال

هل يجب على الولد البالغ طاعة أبويه إذا رأى أنه سيتأذى من تنفيذ طلبهما؟ بخلاف رأي والديه اللذين يريان ضررًا على الولد إذا لم يقم بتنفيذ الطلب، فعلى مدى العامين الماضيين، لاحظ الوالدان أن ولدهما البالغ يعاني من اضطراب في المزاج، وإدراكٍ ضيقٍ للواقع، وتخفيضٍ من قيمة الآخرين.
ويعتقد الوالدان أن هذه الصفات تضرّ الولد، وتؤثر سلبًا على علاقته بالآخرين، ويعتقدان أنه يحتاج بشكلٍ عاجلٍ إلى الخضوع لتقييمٍ طبيٍّ، والعلاج الكامل للتنظيم العاطفي، وإدراك الواقع، وقد أثبت العلاج فعاليته في كثير من الحالات في جميع أنحاء العالم.
كما أنهما يعتقدان أنه دون مثل هذه المعاملة المهنية ستتفاقم المشاكل، وأن الجهود الشخصية من جانب الولد أو الأسرة لن تحلّ المشاكل.
ويعتقد الولد البالغ أنه لا يعاني من هذه المشاكل، وإذا كان يعاني من هذه المشاكل، فهي نتيجة عوامل خارجية، يمكن تخفيفها، ويعتقد أنه تحسّن، ويمكن حلّ القضايا عن طريق بذل المزيد من الجهد من جانبه، بدعم من الأسرة، ولا يريد الولد أن يتعالج؛ لأنه لا يعتقد أن العلاج النفسي مفيد، وأنه سيتأذّى في حالة الإفصاح عن المشاعر الشخصية لشخص غريب، فهل يجب أن يطيع الولد البالغ والديه في الخضوع للتقييم، واتّباع المسار الكامل للعلاج، كما يوصي به الأخصائي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالظاهر لنا وجوب طاعة الولد لوالديه فيما يريدان من عرض نفسه على المختصين من الأطباء، واتّباع نظام العلاج المناسب الذي يحدده الأطباء.

وكون الولد لا يرى حاجة لعرض نفسه على الطبيب، ولا يرى نفعًا في هذا العلاج، ويتأذّى بعرض نفسه على الطبيب، والبوح له بما يشعر به؛ كل ذلك لا يسقط وجوب طاعة الوالدين في هذا الأمر الذي لهما فيه غرض صحيح، ولا ضرر على الولد فيه، فالمشقة المحتملة لا تمنع من طاعة الوالدين في المعروف، قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ، وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني