الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجن هم مخلوقات مستورة عن الأعين، جاء في لسان العرب: ( جن عليه الليل: أي ستره، وبه سمي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار)؟هـ والأدلة على وجودهم كثيرة مستفيضة. قال تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً) (الجـن:1)
وقال تعالى: ( وإذا صرفنا إليك نفر من الجن يستمعون القرآن ) [الأحقاف:29] وفي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن".
وقال ابن تيمية رضي الله عنه: لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن ولا في أن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إليهم، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن، أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين، وإن وجد فيهم من ينكر ذلك، كما يوجد في المسلمين من ينكر ذلك كالجهمية والمعتزلة، وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرين بذلك…فلما كان أمر الجن متواتر عن الأنبياء تواتر تعرفه العامة والخاصة فلا يمكن لطائفة من المنتسبين إلى الرسل الكرام أن تنكرهم، وقد خلقهم الله جل وعلا من النار. قال تعالى: (وخلق الجان من مارج من نار ) [الرحمن:15] والمارج هو طرف اللهب، وقيل أحسنه، وقيل هو اللهب المختلط بسواد النار.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم.
وقد أعطاهم الله عز وجل قدرات ليست وسع البشر كسرعة الحركة والطيران في الهواء والتشكل بأشكال مختلفة، وفي صور شتى كصور الحيوانات والحيات،وأنهم مستورون عن الأعين رغم وجودهم بين الناس، وإمكانية التلبيس بالإنس… ونحو ذلك.
والله أعلم.